عندما قامت مملكتنا بالنهضة في جميع المجالات فتحت التأشيرات لجميع المهن التي نحن بحاجتها وشارك جميع الوافدين من إخواننا العرب ومن أصدقائنا الأجانب، وفي الحقيقة نحن نشكر جميع من شاركنا هذا التطور، ولن ننسى هذا الجميل. بطبيعة الحال ليس جميعهم أراد مشاركتنا بلقمة الحلال، فهناك مندسون بينهم يحاولون الاصطياد في الماء العكر، والهدف هو جمع المال بغض النظر عن مصدره سواء كان حلالاً أم حراماً، المهم جمع أكبر كمية من الريالات، ومنهم الشيخ إقبال. جاء صاحبنا إلى المملكة بتأشيرة عامل زراعي، ولا يحمل أي شهادة، ثم عمل لدى كفيله، ولكن الكفيل لم يعجب بعمله لعدم كفاءته مع الأسف، قام الكفيل بطرده والتنازل عن كفالته ليبتلينا به، ولم يقم بتسفيره إلى بلده حسب المتبع، ثم ذهب العامل إقبال إلى كفيل آخر، وأخذ يحافظ على صلواته، ويكون أول الموجودين في المسجد، وأطلق لحيته حتى كسب صداقات الإمام والمؤذن، وأصبح يؤذن في غياب المؤذن لهذا المسجد، ثم ما لبث أن أصبح هو المؤذن الرئيس، وأخذ بعض المصلين يطلقون عليه الشيخ إقبال، ويغدق البعض عليه الهدايا سواء كانت عينية أو نقدية، ثم استطاع كسب ثقة كثير من أهل الحي، فجأة أصبح يعمل لدى أحد أصحاب العطارة، وكان يصرف الدواء والوصفات العشبية للزبائن حتى أصبح شريكاً لصاحب المحل بالتستر، جمع أموالا طائلة خلال مدة لا تتجاوز الخمس سنوات، وعندما غص حسابه بآلاف الريالات أراد أن يذهب إلى بلده، وأول خطوة قام بها قبل ساعتين من الإقلاع هو حلق اللحية بكاملها، ثم غادر المليونير إقبال إلى بلده. مشكلتنا أننا نضع العاطفة في أولويات اهتمامنا رغم أننا نعرف أهداف البعض، ولكن كم هناك من طبيب ومهندس وخبير ومستشار، والقائمة تطول، جاءوا إلينا بشهادات مزورة وصدقناهم وخدعنا بهم، وكم من ضحاياهم ذهب أدراج الرياح، ناهيك عن البعض الذي يأتي إلينا بالجنسية الأوروبية أو الأمريكية أو الكندية بحجة مستشار أو خبير ويضاعف أجره ثلاثة أضعاف غيره رغم افتقاره للمؤهل العلمي، لقد اكتوينا في جميع المجالات، وهناك آلاف مثل الشيخ إقبال، ولكن طالما أن الوافد يستطيع خداعنا فالقادم أسوأ.