صراحة-واس:أبحر المهرجان الوطني للتراث والثقافة الـ 29 بالجنادرية بمرتاديه عبر سوق عكاظ إلى ضفاف الثقافة والأدب، حيث يعد أحد الأسواق الثلاثة الكبرى في الجاهلية إضافة لسوق مجنة وسوق ذي المجاز وشملت فكرة تطويره منظومة متكاملة من الأنشطة استطاع زوار المهرجان من العوائل والأسر أن يتعايشوا معها عن كثب عبر مشاركته في المهرجان من خلال العروض والصور والمجسمات التي تحاكي واقعه الجاهلي إلى جانب تقديم نماذج من القصائد ومعلقات الشعر لمختلف الشعراء في تلك العصور . وشملت مشاركة سوق عكاظ في المهرجان من خلال موقع منطقة مكة المكرمة عرض بعض الفعاليات في دوراته الست السابقة وجوائزه وسط متابعة من الزوار لولادة السوق في مرحلته الأولى عام 1428هـ بالمعسكر الدائم وبمشاركة محدودة للجهات وحضور قيم للمفكرين والمثقفين إلى جانب عرض المخطط العام للسوق الذي يقع شرق مدينة الطائف قرب العرفاء شمال ضاحية الحوية ويبعد عن مطارها نحو 10 كيلومترات عند ملتقى وادي شرب والأخيضر على طريق الرياض ويبعد 40 كيلومتراً من وسط مدينة الطائف . وتثبت شواهد كثيرة موقع السوق وفيها بقايا في عين الخلص الواضحة المعالم والتي كانت تغذي السوق بالمياه إضافة إلى صخرة السرايا والأثيدا التاريخية، وتم استيحاء تصميم شعار السوق من الخط الذي ظهر في بعض الكتابات على الأحجار الباقية في موقع السوق التاريخي في تقارب وانسجام للألوان التي ملأت الفراغات بين الكلمات دلالة على وحدة الهدف الذي من أجله توجه الناس إلى سوق عكاظ . وتمعن مرتادو مهرجان الجنادرية فيما يمثله سوق عكاظ اليوم من معلم سياحي فريد في المملكة العربية السعودية ورافد مهم من روافد السياحة إذ يقوم السوق في ذات المكان الذي يقع فيه سوق عكاظ التاريخي ويقصده الكثير من السائحين لمشاهدة السوق كمعلم تاريخي ضارب في جذور الماضي وما زال يحتفظ بعبق التاريخ وبريق الحاضر حيث يجد زائر السوق مفارقة تجمع بين التقنيات الحديثة التي تم توفيرها في مكان المهرجان مع جغرافية المكان وقيمته التاريخية الأصيلة التي تم تحديدها بعد دراسة الآثار المتاحة وتحديد الأودية والجبال وفق الوثائق المدروسة بعناية لتحديد موقع السوق بدقة وبكفاءة علمية . ويعرج سوق عكاظ بزوار مهرجان الجنادرية على أهميته كونه ملتقى شعرياً وفنياً وتاريخياً فريداً من نوعه يقصده المثقفون والمهتمون بشؤون الأدب والثقافة مستمتعين بالقيمة المعرفية والثقافية التي يقدمها السوق من خلال ندوات السوق ومحاضراته وفعالياته كما يعيد سوق عكاظ إلى الأذهان أمجاد العرب وتراثهم الأصيل ويستعرض ما حفظه ديوان العرب من عيون الشعر ومعلقاته ويقدم في كل مهرجان احتفالاً واحتفاءً بأحد شعراء المعلقات لتؤكد اتصال التراث بالحاضر . وأشتهر السوق الذي يعود تاريخه إلى ثلاثة أو أربعة قرون قبل الميلاد عند العرب كأهم أسواق العرب وأشهرها على الإطلاق وكانت القبائل تجتمع فيه شهراً من كل سنة يتناشدون الشعر ويفاخر بعضهم بعضاً ولم يكن السوق مكاناً ينشد فيه الشعر فحسب بل كان أيضاً موسماً اجتماعاً قبائلياً له دوره السياسي والاجتماعي الكبير . وقد مثّل سوق عكاظ لقبائل العرب منبراً إعلامياً يجتمع فيه شيوخ القبائل بعشائرهم وتعقد فيه مواثيق وتنقض فيه أخرى وكان مضماراً لسباقات الفروسية والبراز وسوقاً تجارياً واسعاً تقصده قوافل التجار القادمين من الشام وفارس والروم واليمن ومنتدى تطلق فيه الألقاب على الشعراء والفرسان والقبائل وغير ذلك ومنبراً خطابياً تقال فيه الخطب وينصت له الناس ومجلساً للحكمة تحفظ فيه الحكم وتسير بها الركبان ويتمثل بها الناس .