يقال إن (الأوغاد يشكلون ألذ جزء في الحكايات) لذلك نحن هذا الجيل سنتذكر كيف جعل الحمقى من كل جديد مؤامرة ونضحك كثيرا. إذا قلت لك دش، جوال، كاميرا، سيكل، تعليم بنات، سوف تتذكر تلقائيًا أولئك الحمقى الذين جعلوا من تعليم البنات فسقًا، والدش عارًا، والسيكل حصان إبليس. أما الأجيال القادمة ستكون لديهم حكايات كثيرة عن أوغاد تويتر الذين قذفوا وسبوا الفتيات وكفروهن وهكروا حساباتهن وحلفوا أنهن يتلقين تعليمات من الخارج لأنهن طالبن بقليل حرية. نعم، بنت اليوم لم يعد يعنيها إطار المغفلة (القطة المغمضة) الذي وضعتموها فيه سنين كثيرة. بنت اليوم تتلقى معلومات خارجية من الأفلام والكتب وتسافر لكل الدول وهي جالسة في محلها. أصبحت تشاهد الحرية بعينها وتستشعر كم هي جميلة وتساعد على النجاح والإبداع، عكس ما كانت تقوله لها معلمتها (انظري لبنات أوروبا لسن سعيدات ويشعرن بفراغ) بنت اليوم في مجتمعاتنا أدركت أن العالم يسير من حولها وهي مكبلة بقيود القبيلة وقوانين لم تعد تناسب القرن الواحد والعشرين. بنت اليوم قرأت عن دينها وعرفت حدودها وأدركت أن عملها ونجاحها يدعمه الدين وتشجعه الإنسانية. بنت اليوم قد لا تعرف معنى نسوية ولكنها تعرف أن العادات والتقاليد ظلمتها وحبستها باسم الدين وهي تريد أن تتحرر. لذلك أقول لها لا تلتفتي للوراء، ولا تنحني عندما يقذفونك بكلماتهم البذيئة، استمري، قد لا نحقق شيئا اليوم ولكن الوعي والإيمان بالحق يكفي. كثيرا ما نجدهم يتهكمون على من كانت تحارب التمييز والتشدد في مجتمعها، وعندما تزوجت أو خرجت من مجتمعها القمعي استسلمت أو تركت الحق. لا تلتفتي للنماذج البسيطة حولك، انظري للملهمات العظيمات: الروائية إيزابيل الليندي عاشت في مجتمع متخلف يحتقر كل النساء، لم تستسلم، قرأت الكتب وطورت نفسها منذ الصغر، عانت في المنفى، وبعد عشرات السنين جاء اليوم الذي تفجرت فيه موهبتها وكتبت رواياتها الأولى الرائعة (بيت الأروح) واستمرت تكتب عن المظلومين وعن المرأة واستغلت شهرتها لمناصرتهم، وفي سن السبعين صارت عندها مؤسسة مهمتها تمكين النساء من الحصول على حقوقهن. وقد دافعت عن نسويتها في إحدى مقابلاتها وقالت (واجهت تمييزًا عنصريًا ضد جنسي، ولا أريد لحفيداتي وبنات جنسي أن يعشن في عالم تتقلص فيه فرصهن بسبب كونهن ينتمين لجنس معين) وهذه رسالة لنا جميعًا: لا للاستسلام بسبب كم صوتًا نشازًا يحسب أن الرب خلق النساء ليتحكم بهن كما يريد هو وليمارس عليهن طغيانه، ليس من أجلنا فقط بل من أجل وطننا ومجتمعنا والأجيال القادمة.