في أجواء تحيطها مشاعر الإحباط والتشاؤم وتبادل اللوم والاتهامات، وافقت الولايات المتحدة وروسيا على مضض على عقد جولة أخرى من المحادثات للحفاظ على الآمال الضئيلة في إحياء اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا خلال يومي الجمعة والسبت. وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت الاجتماع مرة أخرى بوزير الخارجية الأميركي جون كيري ووزراء دول «المجموعة الدولية لدعم سوريا» في محاولة لإنقاذ هدنة وقف الأعمال العدائية. وبعد لقاء عاصف استغرق ساعتين ونصفا في اجتماع «المجموعة الدولية لدعم سوريا» مساء الخميس في نيويورك، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، أشار مسؤول كبير في الإدارة الأميركية للصحافيين أن الاجتماع «كان مثيرا للجدل ويأتي بعد أسبوع من الجدل حول سوريا سواءً في نيويورك أو على أرض الواقع في سوريا، ولدينا تقارير تشير إلى استمرار النظام السوري في قصف مدينة حلب، وهي دليل على ما قاله وزير الخارجية كيري على مدى أسبوع، وقال: إن تلك الأعمال تقوض مصداقية هدنة وقف إطلاق النار». وأشار المسؤول الأميركي إلى «أن عودة الأمور في نصابها تتطلب خطوات استثنائية من قبل الروس والنظام السوري واتفقنا على الاتفاق غدا وخلال الأيام المقبلة، وسنرى ما إذا كان الروس سيأتون إلينا بشيء جاد وله مغزى، ولسنا على يقين في هذه المرحلة ما إذا كانوا على استعداد لأخذ هذا النوع من الخطوات». أما وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف فقال للصحافيين بأن المشاورات ستستمر حتى يتم ضمان وقف إطلاق النار. إلا أن لافروف أبدى اعتراضه على المقترح الأميركي لمنع النظام السوري من التحليق فوق حلب. ووفقا لمسؤول كان حاضرا اجتماعات «المجموعة الدولية لدعم سوريا» فإن وزير الخارجية الأميركي صرخ غاضبا، خلال الاجتماع في الغرفة، قائلا للجميع بما في ذلك نظيره الروسي لافروف «حتى بينما نجتمع هنا فإنهم مستمرون في القصف». وبدا كيري غاضبا ومحبطا وقال للصحافيين المحتشدين في الفندق الذي استضاف الاجتماع «لا يمكن أن نكون نحن فقط الوحيدين الذين نسعى لإبقاء هذا الباب مفتوحًا. على روسيا والنظام أن يقوما بواجبيهما وإلا فلن تكون هناك أي فرصة أخرى». وشدد كيري على أهمية منع النظام السوري من الطيران على مناطق فوق حلب، قائلا: «في ظل غياب أي بادرة رئيسية مثل ذلك فإننا لا نعتقد أن هناك نقطة لتقديم مزيد من الوعود أو إصدار مزيد من الخطط أو الإعلان عن أي شيء يمكن الوصول إليه. هذه هي لحظة الحقيقة بالنسبة لسوريا وروسيا وجميع أولئك الذين يحاولون وقف إراقة الدماء». من جانب آخر، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة أولية من الاتفاق الأميركي - الروسي لوقف إطلاق النار ووقف الأعمال العدائية في سوريا الذي توصل الطرفان إليه في التاسع من سبتمبر (أيلول) الجاري، وينص الاتفاق على التزام كل من واشنطن وموسكو بالعمل على إحياء هدنة وقف الأعمال العدائية والبدء في سريان الهدنة منذ ليل يوم الاثنين الموافق 12 سبتمبر لبدء سريان الهدنة. وشمل الاتفاق إنشاء لجنة استخبارات أميركية - روسية مشتركة، وترسيم الأراضي التي يسيطر عليها تنظيما جبهة النصرة و«داعش» والأراضي التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة المعتدلة، مع الاتفاق على الفصل بين القوات التابعة للمعارضة المعتدلة والعناصر التابعة لجبهة النصرة. واتفق الطرفان على إبقاء الاتفاق سريًا. وينص الاتفاق أيضا على وقف جميع الهجمات بأي أسلحة بما في ذلك القصف الجوي والصواريخ وقذائف الهاون والصواريخ المضادة للدبابات، والامتناع عن محاولات كسب أراضٍ من الأطراف الأخرى خلال فترة الهدنة، والسماح للوكالات الإنسانية بالوصول السريع والعاجل إلى جميع المحتاجين، وإقامة نقاط تفتيش على طريق الكاستيلو (في حلب). وسمح الاتفاق باستخدام قوة متناسبة عند مواجهة تهديد فوري، وفي حالة الدفاع عن النفس بشرط موافقة الجانبين وإبلاغ جميع الأطراف حول التاريخ والوقت. كذلك سمح الاتفاق لكلا الجانبين بحق الانسحاب من الاتفاق إذا اعتقد أن شروطه لم تتحقق.