×
محافظة الرياض

أمراء المناطق يتقدمون جموع المصلين بصلاة العيد

صورة الخبر

«لن نسلمكم للعدو أبداً، ولكن أعينونا بإصلاح أبنائكم»، كلمة تغني عن ألف عبارة، لا يزال صداها يتردد في أسماع كل فرد من البرماويين، قالها الملك الشفيق عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله أثناء حفل المدارس الخيرية للبرماويين عام 1427هـ، وحكاها بالنيابة الدكتور الراحل محمد عبده يماني رحمه الله. سَرَت البشائر في الديار المكيّة بتولي الأمير خالد الفيصل إمارة منطقة مكة المكرمة عام 1428هـ. وبأمره عكف الباحثون من جامعة أم القرى ومن معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج ومن جهات حكومية وخيرية ومجتمعية أخرى لدراسة وضع البرماويين. لم تمضِ بضعة أشهر؛ حتى تكامل على مكتب سموه ملف البرماويين، وأصبح جاهزاً لعرضه على أنظار خادم الحرمين الشريفين. وكأول مهمة ذي بال لمنطقة مكة المكرمة عام 1429هـ، رفع الأمير يلتمس موافقة الملك لتصحيح أوضاع 240.000 نسمة من البرماويين في المملكة ضمن مشروع معالجة وتطوير الأحياء العشوائية في منطقة مكة المكرمة، تحت شعار: «بناء الإنسان وتنمية المكان». وفي منتصف عام 1429هـ دعا المجلس الأعلى للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم برئاسة معالي وزير الشؤون الإسلامية إلى الاستفادة من الطلاب البرماويين في التدريس. وفي 22 شوال 1429هـ أعلن سمو أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل عن موافقة الملك على تصحيح أوضاع المقيمين البرماويين، حيث فروا بدينهم واحتضنتهم الدولة وقبلهم المجتمع. تلا ذلك إعلان وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة الدكتور عبدالعزيز الخضيري في 5 ذي الحجة 1430هـ بأن استراتيجية مشروع العشوائيات أصبحت جاهزة، وتحدد بدقة من سيمنح الجنسية السعودية ومن سيمنح الإقامة الدائمة ومن سيمنح الإقامة بكفالة، ومن يتم إبعاده. وبناءً على إرادة خادم الحرمين الشريفين لتصحيح شامل لأوضاع البرماوية عام 1429هـ، تشكلت اللجان المشاركة من جميع الوزارات والجهات الحكومية؛ للتحضير لتنفيذ الأوامر الملكية بهذا الخصوص، بحرفية عالية وحماس منقطع النظير، لتحقيق تطلعات ولي الأمر، كمشروع إنساني عالي المستوى. ولم تفتر اللجنة الدائمة لتصحيح أوضاع البرماويين؛ برئاسة وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة، عن عقد الاجتماعات بالأعضاء وبالجهات المشاركة، اجتماعاً تلو اجتماع، لتحقيق أعلى مستويات الجودة في تنفيذ المشروع، وتذليل كافة الصعوبات. وفي 11 جمادى الأولى 1434هـ قام الأمير خالد الفيصل شخصيّاً بتدشين مقر المشروع رسميّاً، وحينها ارتجل سموه، قائلاً «إنها لحظة من أجمل لحظات عمري، هذه اللحظة التي أرى هذه المجموعة الكبيرة من إخواني المسلمين الذين تشرفنا بمجاورتهم في هذا البلد الأمين طوال سنين عديدة، ونحن نأمل ونتطلع إلى اليوم الذي تصحح فيه أوضاعهم في بلدهم المملكة العربية السعودية». فيما اعتلت الطفلة رهف البرماوي منصة حفل التدشين لتخاطب فؤاد الأمير المتهلل وجهه بأفراح الإنجاز؛ وهتافها: «بابا عبدالله.. أملي بعد الله..»، فلم يتمالك الأمير نفسه، إذ سقطت من عينيه دمعة نقية تعكس شعوره الأبوي الفياض. ثم تحدث سموه في المؤتمر الصحفي «إن مشروع تصحيح أوضاع الجالية البرماوية كان ولا يزال الشغل الشاغل لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير سلمان بن عبدالعزيز». وأضاف «لا أنسى حرص خادم الحرمين الشريفين على هذا المشروع الذي أمر به منذ أن قدمتُ فكرة المشروع، وهو يتابع مراحل المشروع يوميّاً، وأسبوعيّاً، وشهريّاً». وأكد «أنه لا يوازيه مشروع آخر في العالم، بل هو الفريد من نوعه في معالجة وتصحيح أوضاع إخوتنا البرماويين الذين تشرفنا باستضافتهم في هذه البلاد». ومضى قائلاً «إنه كلما سمع حديث البرماويين، ولكنتهم السعودية ازداد يقيناً بأن عملية التصحيح تسير في الطريق الصحيح». وفي اللحظة نفسها استحق الملك عبدالله وسام التميز لأكثر الشخصيات تأثيراً في العالم من قائمة الملوك والرؤساء، خلال التصويت الذي دشنه المجلس الدولي لحقوق الإنسان والتحكيم والدراسات السياسية والاستراتيجية، ولا غرو في ذلك فهو النجم المتألق في سماء الإنسانية. استمر المشروع منذ انطلاقه في عام 1434هـ يؤدي دوره الإنساني كأحسن ما يكون، وبميزات وتسهيلات استثنائية غير مسبوقة، حيث الإقامة المجانية لمدة أربعة أعوام قابلة للتجديد دون المطالبة بجوازات السفر، وتسوية فترات الإقامة السابقة، والإعفاء من كافة الرسوم والغرامات، ومعالجة الملاحظات، وتوثيق الإعالة الشرعية للمرافقين، وإثبات وقائع الزواج، والفحص الصحي لجميع المستفيدين، وتسهيل التعليم والصحة لمن صححت أوضاعهم، ومن هم في دورة المعاملة لدى وحدات المشروع، وإطلاق كل الموقوفين بسبب مشكلات الهويات، وتذليل كافة المعوقات والصعوبات، وتعاون كافة الدوائر الحكومية وإمارات المناطق في سبيل النجاح. وبدا للجميع أن حظوظ البرماويين ستستمر مع الأمير خالد الفيصل، حيث أمر فور تعيينه وزيراً للتربية والتعليم عام 1435هـ بقبول أبناء وبنات البرماويين في المدارس الحكومية. كما صدرت لاحقاً أوامر بتحويل المدارس الخيرية لهذه الفئة إلى مدارس حكومية، تتكفل بها الدولة. وتم إنشاء مقر خاص يلائم عالمية المشروع، افتتحه سمو أمير المنطقة، وتفقد وحداته وآليات العمل فيه. كما صحب المشروع عددٌ من البرامج التوعوية والتوجيهية لمختلف شرائح المستفيدين من المشروع. وفي عهد الملك عبدالله تعزز في وجدان الجيل الشعور بعظيم الامتنان والوفاء لمملكة الإنسانية، واستمر الإنسان البرماوي في عهده الزاهر، ينهل من مورد ثري من عطاءات الدولة المباركة، ومن فيوض خيرها وكرمها بفضل الله ثم بفضل التوجيهات الكريمة، وبكامل الميزات المدنية التي تسلسلت خلال المسيرة منذ عهد رائدها الأول طيب الله ثراه، إذ أثمرت وعانقت الجوزاء في عهد أبي متعب رحمه الله.