تعد "البرامج الثقافية" أحد الأعمدة الرئيسية في ترويج شركات حجاج الداخل لحملاتها بين الراغبين في أداء النسك الأعظم "فريضة الحج"، إلا أن الصيغة التعريفية لمفهوم ذلك البرنامج، يأخذ منحى مختلفا تماماً عن الإطار المتعارف عليه، وهنا يمكن الإشارة إلى حديث أحد أصحاب شركات الحج الداخلية حسين العويس في حديثه إلى "الوطن"، بأن "شيوخ حملات الحج هم من يرسم خارطة البرامج الثقافية". وفي الإطار العام تستعين أغلب شركات حجاج الداخل، بشيخ أو أكثر بهدف الاستعانة بهم في تفقيه الحجيج بأحكام الحج والتعامل مع أيام النسك في المشاعر المقدسة. تداخل الدعوي والثقافي بحسب استقصاء أجرته "الوطن" في الحديث مع بعض شركات الحج، فإنه إضافة إلى دور "شيخ الحملة" السابق، له مهام أخرى، تتحدد في إلقاء الكلمات الوعظية بعد الصلوات المفروضة، وبخاصة في يوم الحج الأكبر "عرفة". بعض حملات الحج تتجه إلى تقسيم المسألة، بمعنى تفصل البرامج الثقافية عن شيخ الحملة، وتقوم بالتعاقد مع بعض الجهات والشخصيات الملمة بأسلوب المسابقات الجماهيرية، لصياغة روزنامة البرنامج، ورغم ذلك حينما تنظر في هيكلها العام، تجد تداخلاً كبيراً بين المفهومين الدعوي والثقافي، وهو ما دفع بعض المهتمين إلى تقنين الأمر أكثر من ذلك، عبر الفصل بينهما تماماً لاختلافهما في الطبيعة البرامجية. صالح العزيزي وهو مشرف ثقافي لسنوات ماضية في إحدى حملات حج الداخل، يطرح في سياق حديثه إلى "الوطن" العديد من الإشكاليات المرتبطة بمفهوم البرامج الثقافية التي اختزلت في تنمية الإدراك التعبدي، وهو أمر مطلوب لا شك فيه، لكن هناك أمور مهمة أيضاً ترتبط بتنمية الحالة الثقافية للحجاج، كتدشين ندوات ثقافية على سبيل المثال لا الحصر حيال "دور مؤسسات الطوافة في استقبال الحجيج وتاريخ هذه العلاقة". منصات الإنترنت هناك العديد من المواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، تسهم بطريقة أو بأخرى في عملية التداخل وعدم الفصل بينهما، فأحد تلك المواقع أعد مقالاً مطولاً، حيال "هيكلة وأعمال اللجان في حملة الحج"، والتي تجاوزت عدد قراءتها أكثر من 2700، وتعطي المطلع عليها طبيعة المهام المطلوبة من اللجنة الثقافية بشكل محدد. ويمكن القول إن الغالب في المهام التي أدرجتها تلك المواقع الإنترنيتية لا ترتبط على الإطلاق بطبيعة ومفهوم تنمية الإدراك الثقافي، إذ حددت أدوار اللجنة الثقافية العامة في القيام بالأنشطة الدعوية الخالصة. لكن في المقابل وبحسب تعليقات العويس، لا يمكن تحميل حملات المسؤولية الكاملة تغييب البرامج الثقافية بمفهومها الحقيقي، لذات شركات حجاج الداخل على وجه التحديد، إذ تتحكم شريحة الحجيج العمرية في هذا المسألة بشكل كبير، فكبار السن لا يتفاعلون عادة مع طبيعة البرامج التي تنمي الحس الثقافي بإطارات الحج، بخلاف العنصر الشبابي، وهذه نقطة محورية يجب الأخذ بها عند تناول هذه المسألة.