ترأس الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، أمس، وفد السعودية المشارك في قمة دول مجموعة العشرين التي انطلقت في مدينة هانغجو الصينية. وبدأ زعماء الدول الكبرى اجتماعهم في مسعى لإنعاش الاقتصاد العالمي المتباطئ، في حين دعا رئيس الصين شي جينبينج الذي يستضيف قمة مجموعة العشرين، الزعماء إلى تحقيق نتائج فعلية وتجنب "الكلام غير المجدي". وأكد شي للزعماء حرص بلاده على تعزيز التعاون مع دول المجموعة لدعم التعافي الاقتصادي العالمي، وإزالة العقبات كافة التي تعرقل التجارة. وقال في كلمة افتتح بها أعمال القمة، إن المخاطر تتراكم في الاقتصاد العالمي بفعل ارتفاع مستويات الاستدانة وإن على الدول أن تأخذ خطوات لتعزيز التجارة والاستثمار وتفادي الحماية التجارية. وأشار إلى أن قمة مجموعة العشرين "يجب أن تسعى إلى العمل الحقيقي وليس مجرد الكلام غير المجدي"، مؤكدا على دول مجموعة العشرين ضرورة زيادة تنسيق السياسات وضبط إصلاحات الإنتاجية وإدارة الطلب. وحذر بينج من مخاطر هشاشة النمو الاقتصادي العالمي، مشددا على ضرورة العمل على زيادة معدلات النمو الاقتصادي، وإصلاح مؤسسات التمويل، ونظم الضرائب الدولية. ودعا إلى ضرورة تنفيذ خطة لدعم التنمية المستدامة، وإزالة القيود الحمائية التي تعرقل التجارة العالمية، وأن تكون القمة الحالية للمجموعة بهانغجو نقطة انطلاق لتعزيز النمو، وطالب بتحويل مجموعة العشرين من آلية استجابة لمواجهة الأزمات إلى آلية للحوكمة لدعم النمو الاقتصادي العالمي. الأمير محمد بن سلمان لدى وصوله إلى مقر القمة في هانغجو. "رويترز" وقال الرئيس الصيني: "إن بلاده سوف تنفذ أهداف التنمية المستدامة، التي ستوفر المزيد من الفرص، والمزايا لدول العالم كافة"، منوها بأن مجموعة العشرين ينبغي أن تتبنى إجراءات جديدة لتجنب السياسات الحمائية "تقييد التجارة بين الدول". وأضاف بينج: "إن العالم ينبغي عليه تبني نظام لتنسيق السياسات الاقتصادية الكلية للتغلب على التحديات الحالية، وتوفير القوة الدافعة للنمو الاقتصادي، كما ينبغي تعزيز نظام الحوكمة الاقتصادية الدولية في مواجهة التحديات الاقتصادية الحالية وتقوية الشبكات المالية الدولية". ونوه إلى أن النمو الاقتصادي العالمي يواجه تحديات، ويأمل المجتمع الدولي أن تسهم قمة مجموعة العشرين في التغلب على تلك التحديات، واستعرض الإنجازات التي حققتها قمة مجموعة العشرين التي عقدت بمدينة أنطاليا التركية، مشيرا إلى أن مجموعة العشرين أنقذت الاقتصاد العالمي منذ ثماني سنوات وسط تحديات شكلتها الأزمة المالية العالمية. وحذر من أن الاقتصاد العالمي يدخل حاليا مرحلة حرجة أخرى نتيجة الإجراءات الحمائية وزيادة معدلات كبار السن وغياب القوة الدافعة من جانب قطاع التكنولوجيا، والعلوم ما يؤثر سلبا على النمو الاقتصادي. وبحسب "الفرنسية"، فإن الصين تأمل في نجاح المؤتمر لتبرز كدولة واثقة وقوية مستعدة للاضطلاع بدورها على الساحة الدولية بما يناسب مكانتها كثاني أكبر اقتصاد في العالم. وأغلقت السلطات آلاف المصانع لمنع تصاعد الدخان لتبدو السماء زرقاء صافية، كما شجعت السكان على مغادرة البلدة وقضاء عطلات مجانية، واعتقلت العشرات لمنع حدوث أية اضطرابات أمنية. ويجتمع في القمة ممثلون عن مجموعة العشرين التي تشكل 85 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي، وثلثي سكان العالم، إلا أن مختصين يتوقعون عدم توصل القمة إلى نتائج حقيقية، حيث إن العالم لا يعاني حاليا من أزمة حادة تدفعهم إلى تحدي المشاعر الشعبوية المتزايدة واتخاذ خطوات صعبة مثل تحرير التجارة لمعالجة أصعب القضايا العالمية. ورغم ذلك إلا أن القمة سبقتها موجة من النشاطات الدبلوماسية في الصين حول قضايا من بينها التغير المناخي والحرب في سورية والتجارة الدولية. من جهته، قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن المحادثات مع روسيا ستكون السبيل إلى التوصل لأي اتفاق لوقف العمليات القتالية في سورية، مؤكدا أن المفاوضات صعبة ومازالت توجد خلافات خطيرة بين واشنطن وموسكو. وأوضح أوباما، أن الولايات المتحدة الأمريكية تحرص منذ فترة طويلة على إيجاد وسيلة لتقليص العنف وتحسين المساعدة الإنسانية في سورية ولكن سيكون من الصعب الانتقال إلى المرحلة التالية إذا لم تكن هناك موافقة من روسيا. وكانت قد أعلنت واشنطن أمس عدم التوصل إلى الاتفاق المرجو مع روسيا بشأن وقف العنف في سورية، مؤكدة أن التوصل إلى اتفاق أصبح قريبا ويمكن أن يعلنه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرجي لافروف، إلا أنها أقرت بعد ساعات بأنه لم يتم التوصل إلى اتفاق. وصرح مسؤول بارز في الخارجية الأمريكية تراجع الروس عن بعض القضايا التي يعتقد أنه تم الاتفاق عليها، ولذلك سيعود الجميع للتشاور. ولي ولي العهد يصافح الرئيس الصيني قبيل بدء اجتماعات مجموعة الـ «20» في هانغجو. «الفرنسية» كما صرح كيري للصحافيين أنه اجتمع مع لافروف الأحد لعدة ساعات دون التوصل إلى اتفاق، مضيفا: "الجميع يعرف كم أنها مسألة معقدة، بسبب وجود مختلف القوى، كما أن هناك بعض النقاط المحددة التي سيدقق فيها ويستعرضها لافروف كما سيتم النظر، مؤكدا أهمية التوصل إلى اتفاق لإنهاء هذه المهمة". وتدعم كل من موسكو وواشنطن طرفين متضادين في النزاع الذي بدأ بحركة احتجاجات ضد نظام الأسد في آذار (مارس) 2011 قبل قمعها وتحولها إلى نزاع دام متشعب الأطراف. وفشلت جولات متتالية من المفاوضات الدولية في إنهاء النزاع المستمر منذ أكثر من خمس سنوات الذي خلف أكثر من 290 ألف قتيل وشرد الملايين داخل البلاد وخارجها ما أدى إلى تدفق مئات الآلاف من السوريين إلى أوروبا. وقال أوباما عقب لقائه تيريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا قبل قمة مجموعة العشرين في الصين: "إن محاولة جمع كل هذه القوى المختلفة في هيكل متماسك للتفاوض هو أمر صعب ولكن محادثاتنا مع الروس مهمة". وتتشارك واشنطن وموسكو في رئاسة المهمة الإنسانية التي تدعمها الأمم المتحدة لسورية التي تحاول جاهدة إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المحتاجين داخل سورية. وتثير مسألة مدينة حلب التي تنقسم السيطرة عليها بين قوات النظام والفصائل المعارضة، قلقا كبيرا مع صدور دعوات ملحة إلى وقف إطلاق النار فيها لتخفيف الكارثة الإنسانية عن سكانها. وتعتبر المحادثات في هانغجو جولة جديدة من الجهود الدبلوماسية حول سورية بعد أن أخفقت المفاوضات بين كيري ولافروف في جنيف في التوصل إلى نتيجة. من ناحيته، أعلن دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي أن قدرة الاتحاد الأوروبي على استقبال اللاجئين "اقتربت من بلوغ حدودها"، داعيا الأسرة الدولية إلى تحمل حصتها من المسؤولية. وقال توسك خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر إن قدرات أوروبا على استقبال موجات جديدة من المهاجرين فضلا عن المهاجرين الاقتصاديين غير الشرعيين اقتربت من بلوغ حدودها، مشيرا إلى أن بذل جهود موحدة على الصعيد العالمي سيكون قادرا على تحقيق نتائج، داعيا أعضاء مجموعة العشرين، بمن فيهم الصين، إلى تحمل حصتهم من المسؤولية. وبعد عام على قرار المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بفتح أبواب بلادها أمام المهاجرين، أصبح الاتحاد الأوروبي منقسما حول مسألة استقبال اللاجئين، حيث تعتبر عديد من البلدان الأوروبية ولا سيما في أوروبا الشرقية أن قرار ميركل كثف موجة الهجرة، وقبل القمة حذر رئيس الوزراء الكندي من الحمائية والقومية "المنتشرة"، وقال إن "بناء الجدران ليس هو الحل". وبشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أعرب يونكر عن معارضته إجراء أية مفاوضات تجارية بين بريطانيا وغيرها من الدول قبل خروجها من الاتحاد الأوروبي، فيما تستعد أستراليا إلى إجراء محادثات تجارية مع لندن. وعقب التصويت بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست"، يتعين على لندن إعادة التفاوض على دخولها إلى أسواق باقي دول العالم بما فيها أسواق الاتحاد الأوروبي. وتعتبر هذه خطوة كبيرة جدا للبلد الذي يعتبر خامس أكبر اقتصاد في العالم، وأوضح يونكر للصحافيين أنه لا يحبز فكرة تفاوض دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي على اتفاقيات تجارة حرة. وجاءت تصريحات يونكر بعد أن صرح رئيس وزراء أستراليا مالكولم تيرنبول أنه يستعد لإطلاق محادثات مع نظيرته البريطانية تيريزا ماي حول التجارة الحرة في أول محادثات من نوعها منذ التصويت على الـ "بريكست". ومع اجتماع زعماء العالم على أراضيها، تحرص بكين على تجنب مناقشة مسألة بحر الصين الجنوبي - الذي أقامت عليه جزرا صناعية ومرافق من بينها مدرجات طيران - يمكن أن تلقي بظلالها على القمة.