×
محافظة جازان

صحة جازان تحدد أسماء المراكز الصحية العاملة خلال أجازة العيد

صورة الخبر

نركز في هذه الحلقة على الفترة الحقيقية لدفن الحركة في أوانها وميقاتها، وكيف تدرجت عملية الموت نهائيا من الانبعاث 1959 حتى التلاشي الكامل 1969، فإذا ما كنا في حلقات سالفة حددنا كيف كانت بداية الحلقات الحركية في طور النشوء والتجميع في أواخر 1958، فإن العام 1959 ستكون الملامح الفعلية والرسمية لاعلان ذلك الكيان بصيغة غير رسمية والانطلاق بشكل فعلي وعملي بين التجمعات الوطنية والقومية والناصرية في الأحياء والمؤسسات والأندية، حيث وجدنا ان جميع الأعضاء القدماء أقروا أنهم دخلوا الحركة في عام 1959 وليس قبلها، قبل ان تكون مجرد حلم وفكرة بيروتية حملها عبدالرحمن كمال كنطفة وكمشروع سياسي للحركة بفروعها في الأقطار العربية. وستكون فترة عامي 67-69 الفترة التحضيرية التي أسهمت هزيمة حزيران في التعجيل بقبر كل تجارب الماضي داخل الحركة والتفتيش عن بديل ايديولوجي. وبما ان بيروت مركز التداعيات والمتغيرات والأطروحات، فإن الأمانة العامة وقيادتها ستحمل معول الهدم القديم من أجل بناء الجديد. هكذا وجدنا المؤتمر الأول التأسيسي في بيروت شتاء 1967، يخرج بنتائج واضحة المعالم لنسف بنية الحركة من الداخل تنظيميًا وسياسيًا وفكريًا، ولكنها حتى تلك اللحظة ظلت تحافظ الحركة على اسمها القديم رغم التصدع والبحث عن الخلاص الجديد، فاذا ما كانوا أعضاء حركة القوميين العرب في الخارج وبالخصوص أحمد حميدان وعبدالرحمن كمال، يليهم في المسؤولية عبدالرحمن النعيمي وعبدالنبي العكري، أول من جهز كفن ومسامير وتابوت الحركة، وكل الأخشاب لحرق ما تبقى من شكل ومضمون الحركة، فإن شهر يناير من العام 1969 سيكون العام الرسمي لولادة الحركة الثورية الشعبية، بحيث بات الاحتفال يعزف سنويًا على مزامير الماركسيين الجدد في الحركة، بعد ان كانت سنة 1969 هي السنة، التي ضرب فيها المسمار الأخير في نعش الحركة، لتدفن للابد في فضاء بيروت والفضاءات العربية الأخرى. كان حميدان وكمال رائدا تلك العملية الانشقاقية في اتجاه بناء تنظيم جديد ماركسي، وكأنما ثدي الحركة تغذي في النشء والتطور في حضنهما، فإنها (الحركة) في لحظة الموات البطيئ ستموت بين أيديهما بلا لحن جنائزي للوداع الأخير. ودون شك سيكون للأحمدان في النزع الأخير نصيب مشترك من الدفن والتراتيل الموحدة، فاذا ما كان الشملان غائبًا عن فترة التحضير لدفن الحركة في 1967، فإنه لم يكن بعيدًا أو مغيبًا عن شهادة الدفن الأخيرة في مقبرة بيروت. وطوال حياتي لم تسقط في يدي قصاصة او خبر عرفت فيها ان مناضلي وأعضاء حركة القوميين العرب، أقاموا ندوة او ورشة او مهرجانًا عن عقد من النضال الوطني لتلك الحركة، فيما ظلت جعجعة السياسيين من الحركة هو التمجيد فقط لانتفاضة مارس 1965!! ونسيان تنظيم برمته كان يقف قبل واثناء وبعد الانتفاضة في الساحة الوطنية، متراسًا تعلم منه الكثيرون منا نبالة المواقف والدروس الشريفة، بل صار أغلبهم في مرحلة التحول لليسار من حركة القوميين العرب الى الحركة الثورية هم جل أعضاء الحركة في مرحلة لاحقة، حيث جذورهم حركية وتربيتهم ونشأتهم الأولى هي تعاليم وتربية الحركة، فهي التي كانت كالأم والمعلم والدرس الأول للنضال وطريق الآمه الشاق الوعر والناصع.