أعلن زعيم "جبهة النصرة" أبو محمد الجولاني الخميس فك ارتباط جماعته المقاتلة في سوريا عن تنظيم "القاعدة"، بعد نحو 3 سنوات من القتال تحت رايته. عبد الباري عطوان الصحفي والمحلل السياسي أجاب فرانس24 عن الأسئلة المطروحة بشأن هذا الانفصال وأسبابه وتداعياته على المجموعة التي تعتبر أقوى التنظيمات المقاتلة في سوريا بعد تنظيم "الدولة الإسلامية". أعلنت جبهة النصرة، الفرع السوري لتنظيم القاعدة، الخميس فك ارتباطها بالتنظيم الذي قاتلت تحت رايته منذ 2013 وذلك على لسان زعيمها أبو محمد الجولاني الذي كشف وجهه للمرة الأولى في شريط فيديو. وفي الشريط الذي بثته قناة الجزيرة القطرية أعلن الجولاني، زعيم ثاني أكبر تنظيم جهادي في سوريا، تغيير اسم النصرة إلى جبهة فتح الشام. ما يطرح عدة تساؤلات بشأن أبعاد هذا القرار. وتعليقا على هذا الانفصال وخلفيته طرحت فرانس 24 بعض الأسئلة على الصحفي والمحلل السياسي عبد الباري عطوان ما وراء قرار جبهة النصرة فك ارتباطها عن تنظيم القاعدة؟ هذه ليست إرادة أبو محمد الجولاني زعيم تنظيم جبهة النصرة وإنما هي نتيجة ضغط الدول التي تدعم جبهة النصرة وعلى وجه التحديد دول الخليج. فالداعمون يريدون اليوم تبرئة أنفسهم من تهمة الإرهاب وتهمة دعم جماعة تنتمي لتنظيم القاعدة في سوريا. لكن التغيير في تقديري هو تغيير في الاسم وليس تغييرا في الجوهر ولقد شاهدنا أبو محمد الجولاني في إطلالته الأولى على التلفزيون وهو يرتدي نفس الزي العسكري الذي كان يرتديه بن لادن وفي ذلك إيحاء بأنه ما زال يسير على خطى القاعدة شكلا ومضمونا. وربما لم يقنع هذا التغيير الكثيرين سواء الأطراف التي تحارب الإرهاب أو حتى الأطراف في جبهة المعارضة السورية. ماهو مستقبل جبهة النصرة بعد هذا الإعلان؟ جبهة النصرة استمدت أهميتها من كونها امتدادا للقاعدة، فهناك أكثر من ألف تنظيم مسلح على الساحة السورية منذ بدء الأزمة والنصرة تميز عنها لأنه تنظيم ظل يحمل اسم تنظيم القاعدة وإرثه الممتد على أكثر من 20 عاما. وفك الارتباط مع القاعدة اليوم سيضعف جبهة النصرة ويقوي تنظيم الدولة الإسلامية وسيجعل من جبهة النصرة واحدة من التنظيمات المقاتلة المتعددة في الساحة السورية، و سيتخلى عنها الكثير من الأنصار والداعمين وربما سيؤدي لحدوث انشقاقات فيها ورحيل العديد من مقاتليها نحو تنظيم الدولة الإسلامية الذي يتزعمه أبو بكر البغدادي. لماذا هذا التوقيت؟ روسيا تعتبر جبهة النصرة جماعة إرهابية والولايات المتحدة وضعتها أيضا على قائمة التنظيمات الإرهابية إلا أن حلفاء النصرة في الخليج وبالذات في السعودية وقطر أصروا على أن جبهة النصرة ليست إرهابية وهم اليوم مستعدون لتغيير خطها الإيديولوجي لإثبات ذلك بحيث تعلن تخليها عن تنظيم القاعدة وانتمائها إليه. وقد بدأ هذا التوجه يؤثر على الجانب الأمريكي، لأن النصرة تعتبر أقوى التنظيمات على الأرض بعد تنظيم الدولة الإسلامية ما يسمح لها باستخدامها في الحرب ضد النظام السوري الآن. ويذكر أن جبهة النصرة انضمت سابقا إلى الهيئة العليا للمفاوضات في الرياض ثم تراجع الجولاني في اللحظة الأخيرة وانسحب من هذه المجموعة المعارضة ربما تكون وقتها قد رضخت لضغوط من الدعاة الذين يؤيدون تنظيم القاعدة وخاصة الشيخان أبو محمد المقدسي وأبو قتادة. والتغيير اليوم فرضه أيضا التقدم الميداني الذي حققه الجيش السوري في حلب واستعادته معظم المدينة، وانشغال تركيا بأمورها الداخلية. إلا أن هذا التغيير جاء متأخرا لأن الوقائع في الميدان اختلفت، فالتحالف الروسي السوري الإيراني استطاع أن يحسم معركة حلب لصالحه حتى الآن ويستعيد ريف المدينة الشرقي ويحاصر بعض المناطق، وفي تقديري وباعتبار أن النظام أصبح في موقع قوة- فإن قصف جبهة النصرة سيستمر. صبرا المنصر نشرت في : 29/07/2016