المحطة الأولى لزيارة سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز كانت الى الصين حيث يستشرف الكثيرون بأن القرن الحالي سيكون قرن الصين (CHINA CENTURY ) مثلما كان القرن العشرين AMERICAN CENTURY أمريكياً بامتياز. والمعيار اقتصادي بامتياز أيضاً. فالولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الأولى بدأت نهضتها الاقتصادية ،وامتلكت زمام الأمور بعد فوزها في الحرب العالمية الثانية ،واستمرت في النمو والتوسع والسيطرة على اقتصاد العالم. وبعد الانفتاح الصيني على العالم والتحول المدروس من النظام المركزي الى النظام المرن مع معطيات الاقتصاد العالمي والمزج بين التخطيط المركزي والانفتاح الحر للمنافسة في الأسواق العالمية ،تحركت عجلة الاقتصاد الصيني بمواردها الطبيعية وطاقاتها البشرية المنضبطة سريعة التعلم والتكيف ،وتصاعد النمو في شتى المجالات حتى اكتسحت منتجاتها الأسواق العالمية وتحول اقتصادها من درجة دولة عالم ثالث الى المنافسة على المركز الاول بعد أن أصبح ثاني اقتصاد في العالم متخطية اليابان. وزيارة سمو ولي ولي العهد تأتي لمواصلة العلاقات المتينة مع الصين التي تعد شريكاًُ اقتصادياً قوياً خاصة في مجال الطاقة.. ولكن المرحلة تتطلب المزيد من معدلات الاستثمارات والتبادل التجاري في إطار رؤية 2030 وما تحمله من وعود للنمو الاقتصادي مع شركاء المملكة الرئيسيين في العالم. وقد توجت الزيارة بتوقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية لفتح فرص الاستثمار في المملكة. ومن الصين الى اليابان التي ترتبط المملكة معها بعلاقات متينة منذ عهد الملك فيصل رحمة الله عليه الذي كان أول ملك سعودي قام بزيارة اليابان وأسس لعلاقات وتبادل تجاري مرموق في شتى المجالات في مجال الطاقة والمواد الاستهلاكية بشتى أنواعها. والهدف في هذه المرة تعميق العلاقات وتوسيع الاستثمارات والتبادل التجاري بين اليابان والمملكة العربية السعودية.والأمل أن ينتج عن تلك الزيارات تحوُّل مثمر في ميادين التصنيع حتى لا تبقى المملكة بلداً مستهلكاً لمنتجات الغير بامتياز. كما أن احتكار نقل المعرفة من الدول المصنعة يبقى معضلة الدول النامية ولابد من تحول تقني صناعي والحد من الاعتماد الكلي على المنتج الخارجي. وإذا استطاعت المملكة في اطار رؤيتها 2030 ايجاد أرضية تعامل صلبة مع الصين واليابان فإن دول آسيا الاخرى كوريا الجنوبية وأندونيسيا سيكون من السهل اختراق أسواقها والتعامل معها من منطلقات اقوى. الوفد المرافق للأمير محمد تم تشكيله بعناية من حيث الكفاءة والموقع في صناعة القرار في المملكة وهذا ما يجعل الشريك الأجنبي يعطي المحادثات والاتفاقيات أهمية خاصة لأن الجهات التنفيذية من طرف المملكة تشارك في إخراجها وستصبح مسئولة عن إنجاحها. والغائب من هذه الرحلة في رأيي مشاركة القطاع الخاص حتى تكتمل الصورة وتعطي ثقة أكبر للطرف الآخر وتدعم قنوات التواصل المباشر بين الأطراف المعنية. ولا ننسى فضل برنامج الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمة الله عليه للابتعاث الخارجي الذي خرج مجموعة من شباب المملكة الذين درسوا وتخرجوا من الصين واليابان وسيشاركون في كسر حواجز اللغة وفهم الثقافة وعقلية الادارة والتعامل في المشاريع المستقبلية. Salfarha2@gmail.com