الأبطال يموتون بصمت. وصلني وأنا في خارج الوطن في إجازتنا السنوية مع الأسرة نبأ وفاة الأستاذ القدير أحمد مسعود، غفر الله له ورحمه رحمة واسعة. ومع تسليمنا دائما وأبدا بقضاء الله إلا أن الإنسان يُفجع في فقد القريب والصديق وحتى في فقد أي إنسان، وقد آلمني نبأ وفاته ولكن لكل نفس أجل. لقد عرفت الأخ أحمد مسعود منذ فترة طويلة وما علمت عنه إلا كرم الخلق وصدق الكلمة ورجولة الموقف. ودارت الأيام وإبان فترة إشرافي كنت في مكتب الأخ حسين لنجاوي ومعنا المرحوم الأستاذ أحمد مسعود، وتفاهمت مع الأخ حسين لنجاوي على أن نرشحه للرئاسة، وقلت له «جس نبضه» عن رغبته من عدمها، ووقفت أتلهى بمشاهدة أرجاء المكتب، فتكلم الأخ مسعود ورفع صوته، فالتفت إليه وقال أوافق بشرط أن يكون الأخ أسعد في الصورة ونتشارك العمل، فقلت له موافق، وتحقق في عهده ثماني بطولات رائعة، وأثناء هذه الفترة كنا فريقا واحدا وجمعتنا إيجابيات وتوافقات واختلفنا في أشياء لمصلحة النادي كما يختلف الرجال. ودارت الأيام مرة أخرى وأصاب نادي الاتحاد ما أصابه من وهن وضعف، واحتار الاتحاديون في أمورهم لكن يظل دائما حلا يأتي حبا في الاتحاد، وكان محور العمل هو الأخ عبدالله شرف الدين، وهناك أمور لم أكن سأتحدث عنها ولكن لابد من كلمة حق. أشخاص ربما اثنان أو أكثر قليلا تصدوا لإنقاذ الاتحاد وليس منهم أحد من الأعضاء المعروفين أبدا، واختاروا الأخ عبدالله ليكون «دينمو» المرحلة، وقد رشحوا الأخ الكبير والإنسان القدير أحمد مسعود، وقد اجتمعت مع الأخ عبدالله عدة اجتماعات مسبقة وقبل أسابيع لأجل هذا الموضوع، فباركنا هذا الترشيح، وفوجئت بأن الأستاذ أحمد مسعود يرغب قبل إعطاء الموافقة أن يحضر ونلتقي أنا وهو ويرغب أن يسمع مباركتي على ترشيحه بنفسه، والتقينا وتفاهمنا أن همنا الاتحاد وإذا فرضا كان هناك اختلاف في الرؤية فهذا لا يفسد للود قضية. لم يكن الأخ أحمد مسعود في حاجة ماسة لوقوفي معه، فهو كان مدعوما من المانحين جزاهم الله خيرا، ولكن هي أخلاق الكبار وإرادة لم الشمل ووضع مصلحة الاتحاد أولا، وأنا ويشهد الله كنت سأقف مع أي رئيس يختاره الاتحاديون أو يكلف. وأعود للأستاذ الحبيب «أبو عمر» وأقول ما كلمته يوما بعد تكليفه إلا وأجابني بخلق رفيع ودماثة في حديثه. وأذكر آخر اتصال وأنا أمازحه على إعارة بعض اللاعبين، قلت له إيش رأيك تعيرني أنا كمان لأحد الأندية، فرد أبو محمد أنت على الرأس والعين. ماذا أقول عن هذا الرجل الذي كان قدره أن لا يموت إلا وهو على رأس هذا النادي العتيد، مات ميتة الأبطال، مات واقفا شجاعا معطاء، كان حلمه أن ينهض بهذا النادي وأن يعيده إلى منصات التتويج. تقدم في وقت صعب لمهمة أصعب قبلها بكرم الرجال وطموح الأبطال، قبلها فقط لأجل الاتحاد مضحيا بصحته وبوقته، ثم عمل بصمت ولم يسلم من بعض المهايطين أو سمهم الذين لا يهدأ لهم بالا إلا إذا حملوا معاول الهدم، ولكنه لم يأبه لهم ولم يرد عليهم بكلمة واحدة، جاء ليعمل لا ليملأ الدنيا ضجيجا، وهو ومن خلفه أعضاء شرف كرام هم المنقذون في وقت عز فيه الصدق والمال. رحم الله أخونا الكبير القدير أحمد مسعود وأقول لقد وفى وكفى. وعظم الله أجر أهله وأقاربه وفي مقدمتهم الابن عمر بن أحمد، وكل أصدقائه ومحبيه وجمهور الاتحاد الكريم. لقد خسرنا بفقدانه إنسانا بطلا في زمن عز فيه الأبطال. وإنا لله وإنا إليه راجعون.