قبل فترة قال متحدث عسكري أمريكي إن الطائرات قد ألقت بأطنان من الأسلحة للمقاتلين الأكراد في عين العرب بسوريا للدفاع عن مدينتهم من الهجوم الذي يقوم به تنظيم داعش، ولكن نصف ذلك السلاح قد وقع في أيدي مقاتلي التنظيم والنصف الآخر في أيدي المقاتلين الأكراد، فقلت على سبيل السخرية أو ما يسمى «الكوميديا السوداء»: حلو كثير ! لأن قسمة الأسلحة الملقاة عن طريق الطائرات بين مقاتلي الجهتين سواء كان ذلك التقسيم مقصودا أم أنه حصل عن طريق الخطأ لا يعني سوى أن الفريقين أصبح لديهما رصيد جديد من الأسلحة يمكن به التقاتل لشهور وربما لسنوات، لأنه ظهر جليا أن الطائرات الأمريكية عمياء تتحسس طريقها فتخطئ هدفها عند إلقاء أطنان أسلحتها فيكون لداعش نصيب وافر من تلك الأسلحة المتطورة التي بخلت واشنطن عن تزويد المعارضة السورية الحرة بأي شيء منها، بل وبما هو أقل تطورا منها خشية وقوعها في أيدي «منظمات متطرفة»، فإذا بطائراتها العسكرية تهديها إلى أشرس المنظمات المتطرفة داعش، فأين ذهبت تلك المخاوف المزعومة التي ربطت بإحجام أمريكا عن مساعدة الجيش السوري الحر بأسلحة تعينه على مواجهة ما يملكه جيش بشار الجزار من عتاد وطائرات وأسلحة كيماوية وبراميل متفجرة «فجر الله رئتيه!»، عندما أخذت الطائرات الأمريكية تلقي بأطنان الأسلحة المتطورة ليذهب جزء منها لداعش وهل يمكن أن يكون الهدف من ذلك هو «كش التراب» بين داعش وخصومها حتى يتفانوا فيما بينهم فيكون السلاح الأمريكي الملقى بالطائرات المقسم بين المقاتلين الأكراد وداعش هو «عطر منشم» المرأة العجوز المنحوسة التي دقت عطرها المشؤوم بين عبس وذبيان فتقاتلت القبيلتان عشرات السنوات، وفي ذلك قال زهير بن أبي سلمى يمدح الزعيمين العربيين اللذين تدخلا لوقف الحرب بين القبيلتين : تداركتما عبسا وذبيان بعدما تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم. ولو كانت السيدة منشم حية ترزق لغدا عطرها من وسائل الدمار الشامل في حالة عدم رضى واشنطن عنها أما في حالة الرضى فإنها سوف تعده أفضل من «ليالي باريس!». لقد اتضحت معالم اللعبة منذ أظهرت الولايات المتحدة ترددها عن التدخل في سوريا وترك ذلك النظام الفاشي ينكل بشعبه أشد تنكيل، مبررة عدم تدخلها المتواصل حتى هذه اللحظة بمعارضة الروس والصين وإيران، مع أن الواقع يؤكد أن لها مصالح في رسم ووضع هذه الفوضى في المنطقة.. وحتى تنتهي اللعبة بالمقاييس الأمريكية على وجه التحديد فإن أنهار الدماء لن تتوقف والدمار سوف يستمر، ولكن الله فوق الجميع!!.