يشغل هذا البلد أربعة أخماس شبه جزيرة العرب، بمساحة تتجاوز مليوني كيلومتر مربع. ومع ذلك تكون صادقا إذ قلت إن الناس هنا يشتكون من شح الأراضي ببركة "الشبوك" التي أحاطت بمدنهم وليست عليها "زكاة" حتى الآن. في كل مدينة، هناك قوائم بالآلاف لمواطنين من ذوي الدخل المحدود، ممن ينتظرون الحصول على منحة أرض. ولا أبالغ إن قلت إن انتظار بعضهم تجاوز 15 عاما. وسيطول انتظاره إن استمر الوضع على ما هو عليه الآن!. يقول صندوق التنمية العقارية، إن هناك 100 ألف مواطن صدرت لهم موافقة الإقراض، لكنهم أحجموا عن تسلّم قروضهم البالغة 500 ألف ريال، لعدم امتلاكهم أراض للبناء عليها، وعجزهم عن الشراء لارتفاع أسعار الأراضي. الوزارات ليست بأوفر حظا من المواطن في توافر الأراضي. ففي الثلاثاء الماضي، أقر وزير الصحة للزميل علي العلياني في برنامج "يا هلا" بوجود هذه المشكلة، معترفا بأن أحد تحديات وزارته عدم وجود أراض كافية لإقامة منشآتها الصحية عليها، بدليل أن لديهم الآن أكثر من 100 مشروع لا يوجد لها أراض!. أما وزارة التربية، فقد كانت تشكو في آخر تقاريرها التي نوقشت تحت قبة مجلس الشورى من عدم توافر الأراضي المدرسية في المواقع ذات الأولوية الملحة لإقامة مبان حكومية عليها بدلا من المستأجرة. ووزارة الإسكان تعاني أيضا... باختصار معظم الوزارات الخدمية ليست ببعيدة عن المشهد ذاته. لو كان في تسوير تلك المساحات الشاسعة منفعة لمن قام بتسويرها، لأصبح الأمر مقبولا نوعا ما. لكن أن تحاط بسياج ثم تترك أرضا بيضاء لا يستفاد منها، فهذا أمر لا أحد يجد له تفسيرا! في قضية "الشبوك" لا نتحدث عن بضعة أمتار تمت إحاطتها بسياج، بل عن مئات الكيلومترات من الأراضي الكافية لحاجة المواطنين والأجهزة الحكومية، حتى إن مساحات بعضها تعادل مدنا بحجمها!. معالجة هذه المشكلة تحتاج لقرار حازم تُغلّب فيه المصلحة العامة على ما سواها.