أكد فضيلة د.عيسى يحيى شريف أن الله تبارك وتعالى جعل الحياة الدنيا بمثابة الفرصة الوحيدة للعمل الصالح، مشيراً إلى أنه لا توجد فرصة غير هذه الحياة للإنسان حتى يتزوّد من الأعمال الصالحة. وقال د.عيسى في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بمسجد علي بن أبي طالب بالوكرة إن لكل إنسان في حياته مراحل، وقد تحدث عنها القرآن الكريم في كثير من سوره وآياته، كما تحدثت عنها الأحاديث النبوية، على صاحبها أفضل الصلاة والسلام. مراحل النمو وأضاف: لقد جاء ذكر كل هذه المراحل في سورة المؤمنون، حيث قال الحق تبارك وتعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ، ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ، ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ). ونوّه إلى أن تحدّث القرآن الكريم عن هذه المراحل ينطوي على الكثير من الأمور العظيمة النفع لمن تأملها. ومن هذه الفوائد: الإخبار بعظمة الله وربوبيته وأنه المستحق للعبادة وحده لا شريك له، ومن تلك الأمور المفيدة للتأمل الحديث عن مراحل الإنسان. عالم الغيب وأوضح أن مرحلة ما قبل الحياة الدنيا هي من عالم الغيب ثم مرحلة الأجنة والإنسان جنين في بطن أمه، وتتبعها مرحلة: الطفولة، وهي منذ خروجه من بطن أمه إلى أن يبلغ مرحلة الرشد، أي مرحلة البلوغ، وكذلك مرحلة ما بعد الحياة الدنيا من عالم البرزخ ثم البعث والنشور والقيام لرب العالمين يوم تقوم القيامة، كلها مراحل لا توجد فيها أي فرصة للعمل الصالح البتة، إلا مرحلة الحياة الدنيوية، وهذه المرحلة: وهي من البلوغ إلى أن يموت، فمن رحمة الله وفضله وإحسانه أن التكليف في هذه المرحلة يبدأ عند البلوغ، وفي حال لا توجد موانع من تكليفه من ذهاب عقل أو وجود إكراه أو أي عائق يحول دون التكليف. وتابع د.عيسى: إذا انتهت حياة الإنسان في الدنيا بالموت فقد انتهت فرصته، حيث قال تعالى: (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت). ولكن يأتي الجواب رادعاً ومزلزلاً، (كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون). العمل الصالح واستشهد خطيب مسجد علي بن أبي طالب بحديث أبي هريرة رضي الله عنه حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) رواه مسلم. وجدّد الخطيب تأكيده بأن الحياة الدنيا هي فرصة العمل الصالح، وأشار إلى قول الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه: (وقال الذي آمن يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار، من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب). ولفت إلى أن الإنسان يدرك عند التأمل في هذه المراحل أنه يؤمر وينهى ويدعى إلى عبادة الله وجوباً مفروضاً، وتكون له فرصة للعمل الصالح وذلك في جزء من مرحلة الحياة الدنيوية، وهو لا يدعى إلى ذلك إلا في المرحلة التي يصل فيها الى أشدّه، كما أنه لا يدعى بعد بلوغه أشدّه إلا في حال طاقته ووسع استطاعته البشرية، فتبارك الله الذي جعل الإنسان لا يجد لنفسه أي عتب على خالقه وباريه (سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين). المصلحة العاجلة وأكد د.عيسى أنه ما من إنسان يدرك مصلحته العاجلة إلا ويخوض غمار البحث عنها ويبادر للمشاركة في التجارة والاستثمار ساعة إتاحتها فوراً دون تأخر، موضحاً أنه لو تم الإعلان عن اكتتاب في شركة ما ناجحة في الاستثمار ولمدة محددة من تاريخ كذا إلى تاريخ كذا، فإنه لن يكون هناك مجال للاكتتاب بعد انتهاء هذا التاريخ المحدد، لحصل البدار في المشاركة، ونوّه إلى أنه ما إن تتاح الفرصة للإنسان لذلك إلا ويبادر بكل ما أوتي من قوة ولو كلفه ذلك وقتاً وسفراً وتضحية، فالألف يتحوّل إلى عشرة آلاف ثم إلى سبعمائة ألف وإلى الملايين والثراء الكثير. وأضاف: هذا أمر غاية في الجمال حين ينحصر في الحلال، ولكن لا يجوز أن يكون ذلك على حساب ترك الأعمال الصالحة والغفلة عنها والنظر إليها في أضعف الهوامش.