دعا رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم اليوم (الإثنين) الدول الكبرى مثل روسيا والولايات المتحدة، والسعودية وتركيا وإيران إلى العمل معاً من أجل فتح «صفحة جديدة» في شأن الأزمة في سورية من دون إضاعة الوقت. وصرح يلدرم للصحافيين عقب اجتماع للحكومة أنه «من المهم للغاية عدم إضاعة الوقت وفتح صفحة جديدة في شأن سورية تقوم على مقاربة تشارك فيها بشكل خاص تركيا وإيران وروسيا والولايات المتحدة والسعودية وبعض دول الخليج»، مضيفاً أنه «من غير المقبول بتاتاً»، إقامة أي كيان كردي في شمال سورية أو جنوب تركيا أو أي منطقة أخرى. وقال إن موقف تركيا «واضح جداً... وهو عدم السماح بتقسيم سورية والحفاظ على وحدة أراضيها وعدم السماح بتشكيل أي كيان يمكن أن يعود بفوائد على أي جماعة»، وأكد أنه «يجب حماية وحدة أراضي سورية وتشكيل حكومة شاملة تشارك فيها جميع المجموعات لإزالة كل العداوات القائمة». وتعتبر هذه التصريحات مؤشراً جديداً من أنقرة على استعدادها الآن للعمل بشكل نشط مع القوى الدولية التي تختلف مواقفها بشكل كبير في شأن النزاع السوري. وتعتبر روسيا وإيران الداعمان الرئيسان لنظام الرئيس السوري بشار الأسد الذي طالما قالت أنقرة إن تنحيه ضروري لإنهاء النزاع الدائر في ذلك البلد منذ خمس سنوات. إلا أن يلدرم قال السبت الماضي للمرة الأولى إن الأسد «أحد اللاعبين» في سورية ويمكن أن يبقى موقتاً خلال الفترة الانتقالية. وقال اليوم «من الضروري أن تعمل جميع الأطراف لوقف سفك الدماء في سورية وتشكيل نموذج حكم يمثل جميع السوريين». وأكد يلدرم أنه «من غير المقبول بتاتاً» إقامة أي كيان كردي في شمال سورية أو أي منطقة أخرى. وقال «في الحقيقة فإن هذا أمر يجده السوريون أنفسهم غير مقبول». ورفض يلدرم الحديث عن الحركة على الحدود التركية - السورية، وقال «من المهم دائماً أن تضبط القوات المسلحة المعابر إلى بلادنا من أجل أمن الحدود، وهي دائما مستعدة لمواجهة الهجمات من جنوب حدودنا». وفي شان متصل، أكد وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو في وقت سابق اليوم، أن الحدود التركية - السورية يجب أن «تطهر» بالكامل من تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، وذلك بعد الاعتداء الدامي الذي شهدته مدينة غازي عنتاب التركية، ونفذه، بحسب أنقرة، المتطرفون. ويحتشد المئات من عناصر الفصائل المقاتلة المدعومة من أنقرة على الجانب التركي من الحدود تحضيراً لهجوم لطرد التنظيم المتطرف في مدينة جرابلس السورية، آخر المعابر الواقعة تحت سيطرة المتطرفين في المنطقة الحدودية مع تركيا، بحسب مصادر معارضة و«المرصد السوري لحقوق الإنسان». وخلال لقاء مع الصحافيين في أنقرة، قال وزير الخارجية التركي «يجب تطهير حدودنا بالكامل من داعش»، مضيفاً «من واجبنا الطبيعي محاربة هذا التنظيم الإرهابي على أراضينا كما في الخارج». وفجر فتى انتحاري نفسه، بحسب السلطات التركية، أول من أمس خلال حفل زفاف كردي في مدينة غازي عنتاب (جنوب شرقي تركيا) القريبة من الحدود السورية ما أسفر عن مقتل 54 شخصاً بحسب آخر حصيلة بينهم عدد كبير من الأطفال. وأثار هذا التفجير صدمة كبيرة في تركيا التي شهدت اعتداءات عدة نسبت إلى تنظيم «الدولة الإسلامية». لكن يلدرم قال اليوم إن تركيا «ليست لديها أي معلومات» عن الجهة التي كانت وراء التفجير الذي استهدف حفل الزفاف. وصرح يلدرم للصحافيين في أنقرة «ليست لدينا معلومات عن الجهة التي تقف وراء الهجوم. والمعلومات الأولية في شأن منفذ التفجير واسم المنظمة هي للأسف ليس صحيحة»، وذلك بعد أن كان الرئيس رجب طيب أردوغان قال إن منفذ الهجوم طفل عمره بين 12 و14 عاماً تحرك بأوامر من تنظيم «داعش». وتعتقد القوات الأمنية التركية أن المتطرفين نفذوا هذا الاعتداء انتقاماً لهجمات يخوضها المقاتلون الأكراد وفصائل معارضة مدعومة من أنقرة، على جبهات مختلفة ضد «داعش» في سورية. واعتبر تشاوش أوغلو أن «تركيا كانت دوماً الهدف الأول لداعش». ووعد وزير الخارجية بدعم «كل عملية ضد هذا التنظيم في سورية»، وذلك في معرض رده على سؤال وجهه أحد الصحافيين عما إذا كانت تركيا تدعم هجوم تحضره فصائل مقاتلة لطرد التنظيم من مدينة جرابلس. وتعد جرابلس، آخر أهم المعابر الحدودية التي يسيطر عليها «داعش» بين سورية وتركيا، وثاني أهم معقل له إلى جانب مدينة الباب في محافظة حلب. وأكد تشاوش أوغلو الذي فتحت بلاده قاعدتها الجوية في إنجرليك (جنوب) أمام التحالف الدولي ضد التنظيم، أن تركيا لا تسمح بهذا التنظيم على أراضيها ولهذا السبب فإن رئيسها أردوغان هو «الهدف الأول» له. وقال تشاوش أوغلو «سنحارب داعش حتى النهاية وندعم أيضاً المعركة التي تخوضها الدول الأخرى ضد هذا التنظيم الإرهابي». وأكد مدير «المرصد السوري» رامي عبد الرحمن أن «مئات العناصر من الفصائل المعارضة تحتشد على الجانب التركي من الحدود تحضيراً لشن هجوم ضد تنظيم الدولة الإسلامية في مدينة جرابلس». ونقلت وكالة أنباء «دوغان» التركية أن المدفعية التركية قصفت محيط جرابلس بـ65 ضربة مدفعية السبت، بعد سقوط قذيفة أطلقت من مناطق سيطرة التنظيم في الجهة التركية. وبحسب عبد الرحمن، سيشارك في المعركة المرتقبة عدد من الفصائل المدعومة من تركيا وأهمها «فيلق الشام» و«الجبهة الشامية». وأكد مصدر من الفصائل المعارضة «تتجهز الفصائل لمعركة واسعة ضد تنظيم داعش في جرابلس تنطلق من الأراضي التركية». وقال القيادي في «فرقة السلطان مراد» أحمد عثمان بدوره «بالأمس تم تحرير الراعي وغداً جرابلس». وتسيطر الفصائل المقاتلة على بلدة الراعي الحدودية أيضاً مع تركيا بعد معارك فر وكر استمرت أشهر عدة مع عناصر التنظيم. وأكد الناطق باسم «الجبهة الشامية» العقيد محمد الأحمد، أن الهدف من معركة السيطرة على جرابلس هو «منع وصول قوات سورية الديموقراطية إليها وطرد داعش من المنطقة». وتدعم واشنطن «قوات سورية الديموقراطية»، التي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية عمودها الفقري، وتعتبرها الأكثر فاعلية في قتال التنظيم خصوصاً أنها نجحت في طرده من مناطق عدة في شمال وشمال شرقي سورية، كان آخرها مدينة منبج الواقعة إلى الجنوب من جرابلس. وتصنف تركيا «وحدات حماية الشعب» الكردية بـ «الإرهابية»، وتعتبرها جزءاً من حزب «العمال الكردستاني». واتهمت ألوية منضوية في «قوات سورية الديموقراطية» تشكيل «مجلس جرابلس العسكري»، متهمة تركيا في بيان «بإدخال أعداد كبيرة من المرتزقة (...) بهدف احتلال» جرابلس.