سمحت السعودية للمستثمرين الأجانب من المؤسسات بشراء الأسهم مباشرة في عمليات الطرح العام الأولي في خطوة قد تساعد الحكومة على بيع حصص بمليارات الدولارات في شركات مثل عملاق النفط أرامكو السعودية. يبدأ تنفيذ القواعد الجديدة التي أعلنتها هيئة السوق المالية في بداية العام القادم، وتتضمن إدراج المستثمرين الأجانب المؤهلين ضمن فئات المؤسسات المسموح لها بالمشاركة في عملية بناء سجل أوامر الاكتتاب التي يستخدمها متعهدو التغطية في تسعير وتخصيص الأسهم بعمليات الطرح العام الأولي. قالت هيئة السوق السعودية في وقت سابق، إنه سيسمح للمستثمرين من المؤسسات بشراء الأسهم مباشرة في عمليات الطرح العام الأولي فقط على أساس كل حالة على حدة، لكنهم قد يشاركون مباشرة من خلال قنوات مثل صناديق الطرح العام الأولي المحلية. وبموجب إصلاحات اقتصادية كاسحة أعلنت هذا العام، وتهدف إلى الحد من اعتماد المملكة على إيرادات صادرات النفط، تخطط الحكومة في الأعوام المقبلة لطرح أسهم في مجموعة كبيرة من الشركات من بينها ما يصل إلى خمسة في المئة من أسهم أرامكو التي قد تبلغ قيمتها عشرات المليارات من الدولارات. وقد تطرح بعض الأسهم في الخارج، لكن من المتوقع أيضاً إدراجها في البورصة السعودية. وبقيمة سوقية تبلغ 380 مليار دولار فقط فإن سوق الأسهم السعودية تبدو أصغر من أن تستوعب كثيراً من عمليات الطرح العام الأولي الكبيرة، ولذا فإن تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية قد تكون شرطاً أساسياً لانطلاق عمليات الطرح بسلاسة. ومن خلال عقدها العزم على تنويع قاعدة اقتصادها وفك ارتباطه بالنفط، جاء إعلان السعودية مؤخراً عن ملامح خطة عريضة للإصلاح الاقتصادي والتنموي رؤية السعودية 2030 تشمل أول طرح لأسهم شركة (أرامكو) النفطية السعودية للاكتتاب العام وإنشاء صندوق ثروة سيادية وغيرهما من الإجراءات الإصلاحية التي تساعد على النهوض الاقتصادي، وزيادة فرص العمل والاستثمارات في أكبر دولة منتجة للنفط بمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك). وتكثف السعودية تحركاتها عقب إخفاق اجتماعات لأعضاء أوبك وغيرها من الدول المنتجة للنفط في التوصل إلى اتفاق بشأن تجميد الإنتاج، علاوة على أنها خططت مؤخراً لاقتراض عشرة مليارات دولار أمريكي من بنوك كبرى في العالم لتصبح هذه هي المرة الأولى منذ 15 عاماً التي تلجأ فيه السعودية لمصارف أجنبية للحصول على قرض سيادي. ويأتي طرح رؤية السعودية 2030 لمواجهة تحديات تراجع أسعار النفط الذي يشكل نسبة تقارب ال90% من الميزانية العامة للدولة وسط توقعات باستمرار هذا التراجع الذي وصل في الآونة الأخيرة إلى أكثر من 40 دولاراً للبرميل. وسجلت السعودية في موازنتها العامة للعام 2016 عجزاً قدره 87 مليار دولار جرّاء انخفاض أسعار النفط، وارتفاع الإنفاق على الأمن والدفاع. ورغم الارتفاع المؤقت في أسعار النفط مؤخراً بسبب الحفز الناتج عن احتمالية تجميد الإنتاج، إلا أن المحللين يشيرون إلى أنه حتى لو كانت الأطراف قد نجحت في التوصل إلى اتفاقية تجميد الإنتاج، فالوضع العام لن يغير من اتجاهه المتمثل في وجود عرض مفرط من النفط. ويرون أن أسعار النفط ستعود إلى مستوى معقول عاجلاً أم آجلاً، لذلك، ما من حل أمام السعودية التي تواجه تحديات مزدوجة من انخفاض أسعار النفط وفقدان الحصص في السوق، سوى السعي إلى الخروج من مأزق عهد انخفاض أسعار النفط من خلال إجراء إصلاحات داخلية.(رويترز)