موضوع تحويل ملفات الشهادات الوهمية إلى النيابة يضعنا أمام التساؤل الأخير، ويرجعنا إلى المربع الأول: هل هو المخرج وصك البراءة للتنصل من المسؤولية القانونية؟ إن كان كذلك فهو لا يعني انتفاء المسؤولية الأكاديمية والأدبية لجهات الابتعاث التي كانت وما زالت المسؤول الأول عن ظهور تلك الظاهرة الأكثر خطورة على مؤسسات الدولة. هناك الكثير من التساؤلات التي ينبغي الوقوف عندها لمعرفة دور مؤسسات التعليم العالي في تحديد السياسة العامة للابتعاث والجهة المسؤولة عن تصنيف الجامعات العربية والأجنبية والاعتراف بها، وذلك بعد اللغط الذي أثير حول ملف الشهادات المضروبة التي طال بعضها مؤسسات التعليم العالي في دولة الكويت. مؤشرات الحاصلين على الدرجة الجامعية في المجتمع الكويتي قد تكون مرتفعة مقارنة مع المتوسط العالمي، وهذا بحد ذاته جيد، إلا أن لجوء البعض للحصول على الإجازة الجامعية والعليا من جامعات سهلة ليست مدرجة ضمن قائمة التصنيف العالمي انعكس سلباً على مؤسسات الدولة، وأوجد خللاً في مفهوم المفاضلة. المشكلة متشعبة وذات أبعاد اجتماعية واقتصادية كبيرة، فإلى جانب الجامعات السهلة والوهمية هناك مشكلة تكدس الخريجين لبعض التخصصات، وفي مقدمتها خريجو "الحقوق" التي اضطرت الأخ وزير التربية الدكتور بدر العيسى إلى إصدار قرار بوقف الانتساب إليها. هذه المشكلة سيظل يعانيها الجهاز الحكومي لسنوات كونه المعني عن توظيفهم وتوزيعهم على مؤسسات الدولة، التي هي بالأصل تشتكي من كثرة الوظائف الهامشية والبطالة المقنعة. قضية الحصول على الشهادات الجامعية الضعيفة والوهمية لن تنتهي بهذه السهولة، إلا إذا تبنت الدولة سياسة عامة على كل الصعد، وأخذ الموضوع على محمل الجد، فالأزمة كما أشرت كبيرة، فبعض أولئك تحصلوا على لقب دكتور من غير تعب ومنصب قيادي بلا جهد. الدولة من جانب تنادي بتمكين الكفاءات، ولأجل ذلك عقدت الكثير من المؤتمرات، ومع ذلك لا شيء على الأرض، هنا أود أن أذكر ببعض مما يتناقله أصحاب الشهادات العليا والكفاءات ممن ضاقت بهم السبل، وفقدوا الأمل في الإصلاح بسبب إقصائهم من المواقع المتقدمة، بعد أن أضحت المنافسة خارج إطارها الشريف، وبعد أن تمكنت المحسوبية والواسطة من تنفيذ رغباتها على الحكومة. موضوع تحويل ملفات الشهادات الوهمية إلى النيابة يضعنا أمام التساؤل الأخير، ويرجعنا إلى المربع الأول: هل هو المخرج وصك البراءة للتنصل من المسؤولية القانونية؟ إن كان كذلك فهو لا يعني انتفاء المسؤولية الأكاديمية والأدبية لجهات الابتعاث التي كانت وما زالت المسؤول الأول عن ظهور تلك الظاهرة الأكثر خطورة على مؤسسات الدولة. أخيراً إن كانت الحكومة جادة في محاربة تلك الشهادات فلتبدأ بأصحاب المراسيم للتأكد من سلامة قرارات تعيينهم، بأنها جاءت وفق نظم المنافسة الشريفة، ولأجل ذلك لا بد من مراجعة سيرهم الذاتية بالتحقق من شهاداتهم العلمية (بكالوريوس، ماجستير، دكتوراه) وفق الشروط المعلنة لديوان الخدمة المدنية والتعليم العالي. إلى ذلك الوقت ننتظر المزيد من فضائح شهادات وجامعات أي كلام، ونترقب حالة الإقلاع إلى أثينا وألمانيا وبقية دول أوروبا الشرقية، أما آسيا وإفريقيا فالأمن غير مستقر وحالة الجو مغطاة بضباب أسود!! ودمتم سالمين.