×
محافظة المنطقة الشرقية

بيني: كل المنتخبات ستذهب إلى ريو بطموحات كبيرة

صورة الخبر

مختار بوروينة (الجزائر) ماذا تبقى من الطّاهر وطّار؟، السؤال بهذه الصيغة عن المبدع الراحل الذي لقب بـ«أبو الرواية الجزائرية» المواكبة لتحولات البلد الذي خاض من أجله صراعات القلم، وترجمت أعماله إلى مختلف اللغات. يشغل الساحة الثقافية في الجزائر، وبات مطروحاً للنقاش، بدءاً من القناة الإذاعية الرسمية الجزائرية التي تناولت الموضوع في البرنامج الثقافي «حبر وأوراق» للدكتور الأديب أمين الزاوي ومروراً بوسائل الإعلام المختلفة. ويرى البعض أن الشعور بجدوى السؤال، برز بشكل واضح بعد مناشدة عائلة الروائي الجزائري الطاهر، وكل أصدقائه الغيورين على جمعية الجاحظية القدماء والأعضاء المؤسسين لها، ومنهم الروائيون: واسيني الأعرج وأمين الزاوي ومرزاق بقطاش، لوزير الثقافة عز الدين ميهوبي بالتدخل من أجل إطلاق اسمه على إحدى المؤسسات الثقافية. كما دعوا الجهات الرسمية إلى تبني فكرة إنشاء جائزة محترمة للرواية تحمل اسمه «وطّار» توزع على الأدباء الشباب في الجزائر، اعترافاً بما قدمه إلى الأدب الجزائري. يقول المخرج السينمائي محمد الزاوي لـ«الاتحاد»، إن الحديث عن إنصاف وطّار يختلط كثيراً بما وصلت إليه الجمعية الثقافية الجاحظية، التي تأسست في 1989 مع نهاية النظام القائم على الحزب الواحد ودخول البلد التعددية السياسية وأزمة العنف الدموي، وكان رهانه الكبير بجعلها مشروعاً لخدمة وترقية الثقافة بجميع الوسائل، وعزم على أن تشكل البديل الحي للمثقفين الذين يقفون خارج أسوار السلطة أمام العجز المسجل في الأطر الرسمية الأخرى كاتحاد الكتاب الجزائريين، فأعطاها من ماله وجهده وصحته، لدرجة أن أموال جائزة الشارقة التي فاز بها سخرها لفائدتها، ومن أجل إطلاق وتمويل جائزة الشاعر مفدي زكريا وغيرها من البرامج. ويضيف الزاوي، الذي رافق الراحل وطار في أيامه الأخيرة أثناء العلاج في باريس، وأنجز فيلماً وثائقياً عن مساره وبصوته بعنوان «آخر كلام»، أنه تحسس التشوق الكبير الذي كان يعبر عنه الراحل الطاهر وطار لمنبته الاجتماعي والثقافي ولولادته الأولى، فقد عاد في أيامه الأخيرة إلى دفء العائلة، وإلى قريته «سافل الويدان» قرب عين البيضاء في الشرق الجزائري ليحتمي بها، مثلما أحس في فترة مكوثه ببيته في فرنسا لمدة عشرة أيام، أنه كان يعيش حالة استراحة المحارب، لم يكن يجادل في مسائل اختلف فيها مع آخرين، لكنه عاد إلى ذاته الثقافية، سواء من خلال الاستماع إلى مطربي الأغنية «الشاوية» بأصولها الأمازيغية عن طريق هاتفه النقال، أو ترديده الشخصي للكثير من الأغاني التي ارتبطت بذاكرته، والتي رسمت حياته، بشكل جعلت صاحب «الكاميرا» يحس وكأن وطار يعيش خيبة كبيرة يردها لعدم تمكنه من إنجاز كل أحلامه ومشاريعه، في وقت دخل فيه أجواء مواجهة التحدي الذي كان ينتظره عبر استقبال الموت التي كان يعتبرها تجربة «فنية وديموقراطية» تسمح بتعاقب الأجيال. ومهما طاله الإقصاء والتهميش فإنه، على حد تعبير الكثير من مبدعي جيله، ما زال محور نقاش جميل ينبش في رصيده عبر طرح السؤال حتى وإن لم يتهيكل إيجاباً عبر محرك الجاحظية وامتداداتها بالنظر إلى الوضع الصعب الذي تعيشه حالياً وما تعانيه من انعدام تمويل برامجها وغياب الإسهام الذاتي للقيام بالنشاطات المطلوبة والمميزة للحفاظ على إرث وطار الذي كان مفصلاً مهماً في الجسد الثقافي الجزائري والعربي، أديب وشاعر وإعلامي وسياسي وطني من الدرجة الأولى، حسب ما قال خليفته على الجمعية الدكتور محمد التين لـ«الاتحاد»، مضيفاً أن حياة التعددية التي تعيشها الجزائر اليوم ستفتح للباحثين لاحقاً إمكانية الوقوف على هذه الإسهامات. من جهته، قال الروائي رياض وطار لـ «الاتحاد»، إن عمه أسس لمدرسة «وطّارية» إن صح التعبير، حيث كان تأثيره لافتاً وعميقاً على العديد من الأقلام التي أتت بعده، إذ حاولوا تقليده والمضي تحت جلباب أدبه، في المقابل يقول هناك من حاولوا قتله أدبياً والتنكر له وعدم الاعتراف به كعراب للأدب الجزائري، مصرحاً بحماس عن التواصل بين الأجيال التي كان الطاهر وطار حريصاً على ربطها من خلال تعريفه بتلك المواهب للعالم. وأكد ضرورة احترام منجزاته، سواء اتفق أو اختلف معه، فكتاباته أصبحت موضوعاً متداولاً في أهم رسائل الماجستير والدكتوراه ورسائل الليسانس في مختلف جامعات أنحاء العالم، كما أن الشباب الذين عاشوا مرحلة أعز إبداعات وطار حولوا أهم أعماله إلى خشبة المسرح التي تذوقها الجمهور اقتباساً بالجزائر وتونس والمغرب. ويتفق الروائي «أمين الزاوي» والناقد «مخلوف عامر» على أن انطلاقة وطّار الحقيقية كانت في القصة القصيرة الحديثة التي تجاوزت القصة الكلاسيكية، وهذا ما أهله بعد ذلك للتجديد في الكتابة الروائية، فرغم أنها ثلاث مجموعات قصصية فقط فإن أثرها كان صانعاً لشخصية وطار الأدبية لتكون صوتاً أدبياً جيداً على المستوى العربي، وأدبه عموماً يبرز الخلطة الجميلة بين الإيديولوجية السياسية والفكر الرومانسي والحس الوطني وكذلك قربه من الفكر الشعبي، حيث واكب مراحل متغيرة في التاريخ الجزائري والعربي عموماً. وفي رأي الناقد مخلوف عامر فإن الطاهر وطّار سيبقى حاضراً كعلامة مميزة في الأدب الجزائري والتاريخ العربي. الأكيد أن هناك الكثير والكثير مما تبقى من وطّار من الأشياء التي لم تبحث ولم تدرس عن الرجل الذي يمتلك الخصال الإنسانية والشجاعة في المواقف السياسية، فهو خفيف الروح ومساعد للشباب والأقلام الفتية وصاحب حضور قوي في الساحة الأدبية، بدليل أن إثارة السؤال بعد دعوة العائلة إلى إنصافه، من شأنه أن يزيح الغبار ليخرجه من دائرة المطلبية العائلية الضيقة إلى الدائرة الكبيرة.