بدأت جلسات ندوة «ينبع عبر التاريخ» التي ينظمها كرسي الأمير سلمان بن عبدالعزيز لدراسة تاريخ المدينة المنورة، وأكدت الجلسة الأولى «ينبع حتى نهاية العصر الراشدي»، التي ترأسها مدير الجامعة الإسلامية الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله السند، حيث أوضح الدكتور تنيضيب الفايدي أن بعض غزوات رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ وقعت بها أو بقربها، واكتسبت أهمية كبرى لكونها طريقا تجاريا قديما، ثم لقربها من المدينة المنورة. أما الدكتورة تحية محمد محمود شهاب الدين أستاذة التاريخ القديم كلية الآداب والعلوم الإنسانية ــ جامعة طيبة، فأوضحت أن بعض كتابات الرحالة اليونان والرومان تحقق الموقع الجغرافي لمدينة ينبع الحالية. وأوضح الدكتور حسن بن عبدالوهاب سليم أن ينبع احتلت المكانة الثالثة في بلاد الحجاز، بعد مكة المكرمة والمدينة النبوية في العصر المملوكي، ويرجع ذلك إلى ارتباطها مباشرة بإعادة طريق الحج المصري بشقية «البري» و«البحري» في العصر المملوكي، ولها أهمية أمنية واقتصادية بالنسبة لطريق الحج المصري، إلى جانب ما توافر بها من عوامل اقتصادية ساعدت على نمو اقتصادها بشكل واضح خلال العصر المملوكي، على الرغم من منافسة جدة لها في هذا الجانب. الدكتور عطا أبو رية (جامعة الطائف) بين أن ينبع من الموانئ الحجازية التي ازدهرت منذ بداية القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي)، إذ حلت محل ميناء الجار، وأصبحت ميناء المدينة المنورة، وعدت الميناء الثاني من حيث الأهمية في الحجاز بعد ميناء جدة. وفي الجلسة الثانية «ينبع العصر المملوكي»، التي رأسها الدكتور فهد السماري أمين عام دارة الملك عبدالعزيز، تناول الدكتور سهيل صابان (قسم التاريخ في جامعة الملك سعود)، ينبع في الوثائق العثمانية، وخصوصا في حملات والي مصر محمد علي باشا في أوائل القرن الثالث عشر الهجري (التاسع عشر الميلادي)، وعمليات تنزيل العساكر المساقين من مصر في تلك الحملات، واتخاذ ينبع مركزا لانطلاق تلك الحملات إلى المدينة المنورة والمناطق المجاورة لها من جهة، وتوفير الطريق الآمن لنقل البضائع والقوافل منه إلى المدينة المنورة من جهة أخرى. أما الباحث عدنان عيسى العمري، فأوضح أن ينبع في النشاط الاقتصادي في منطقة المدينة المنورة، حيث تعتبر ينبع ممرا تجاريا وميناء بحريا يمر به الحجاج ويستريحون فيه متوجهين إلى مكة. وأكدت الدكتورة آمال رمضان عبدالحميد أن ينبع حل بها العديد من الرحالة ودونوا كل ما شاهدوه فيها، وسطروا كل ما سمعوه عنها، فغدت رحلاتهم مصدرا من مصادر تاريخ ينبع، وسجلا علميا لتراث هذه المدينة العريقة. وأوضحت الدكتورة مها اليزيدي أن ينبع تأثرت بالعديد من الأحداث السياسية، فتارة تشهد مدينة ينبع ازدهارا وانتعاشا، وتارة أخرى اضمحلالا، وخصوصا أواخر حكم الدولة العثمانية، ولأهمية هذه الأحداث والأوضاع السياسية التي تعرضت لها المنطقة؛ فقد تأثرت الحياة العامة في ينبع اقتصاديا وحضاريا.