البرلمان التركي المؤسسة التشريعية في تركيا؛ تأسس بشكله الحالي قبل نحو مئة سنة وريثا لنظيره في السلطنة العثمانية، ويتولى المهام التشريعية والرقابية، ويشكل الحزبُ الأكثر مقاعد فيه الحكومة ويقود الدولة. تعرض للقصف في المحاولة الانقلابية في يوليو/تموز 2016. التأسيس افتتح مجلس الأمة التركي الحالي يوم 23 أبريل/نيسان 1920، ليكون بديلا عن "المجلس العمومي" الذي يعد أول مجلس برلماني للدولة العثمانية (افتتح 19 مارس 1877)، وكان يضم آنذاك مجلسا للنواب منتخبا يسمى "مجلس المبعوثان" ومجلسا للأعيان يعينه مدى الحياة السلطان العثماني. المقر مقر المجلس في العاصمة أنقرة، ويعود تاريخ اكتمال بنائه الحالي إلى يوم 6 يناير/كانون الثاني 1961. وتحتوي قاعة الجلسات العامة فيه على 1511 مقعدا (933 منها للمستمعين)، وتمت آخر توسعة لها في 1 أكتوبر/تشرين الأول 1998. المهام يتولى مجلس الأمة السلطة التشريعية في البلاد بمقتضى الدستور التركي، وطبقا للمادة 87 منه فإنه يتولى مهام وسلطات من أبرزها: تعديل الدستور، وسن وتغيير وإلغاء القوانين، وإزالة الحصانة عن النواب واتخاذ قرارات إسقاط العضوية البرلمانية، ومراقبة مجلس الوزراء والوزراء، والسماح لمجلس الوزراء بإصدار مراسيم بشأن مسائل معينة، وانتخاب ثلاثة من أعضاء المحكمة الدستورية التي تتكون من 17 عضوا. ومن صلاحياته أيضا مناقشة مشاريع قانون الميزانية والموافقة عليها، واتخاذ قرارات إعلان الحرب وإرسال القوات المسلحة التركية إلى الدول الأجنبية، والسماح بوجود القوات المسلحة الأجنبية في تركيا، والتصديق على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وإصدار قرارات إعلان العفو العام والخاص، والموافقة على خطط التنمية والإشراف على الشركات التابعة للدولة، وانتخاب أعضاء المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون. وإذا حصل حزب سياسي على 276 مقعدا فإنه يتولى تشكيل الحكومة، ولكن لا يتم إجراء استفتاء على تعديل دستوري إلا بموافقة 330 نائبا برلمانيا، ولا يغير الدستور مباشرة من البرلمان إلا بموافقة 376 نائبا. وتعتبر قرارات البرلمان بشكل عام قرارات سياسية, ولا تؤخذ إلا بالتصويت وفي جلساته العامة، ولذلك فإن القرارات التي تتخذها بشكل أحادي اللجان البرلمانية أو رئاساتها لا تعد قرارات للبرلمان. وقوانين البرلمان ليست بحاجة إلى موافقة رئاسة الجمهورية من أجل دخولها حيز التنفيذ، وتـُنشر في الجريدة الرسمية بعد تصديق رئيس البرلمان عليها. الهيكلة التنظيمية يتكون مجلس الأمة التركي من 550 نائبا ينتخبون بالاقتراع السري المباشر من 85 دائرة انتخابية موزعة على محافظات البلاد البالغة 81 محافظة حسب حجمها السكاني. ويباشر المجلس عمله -بعد أداء أعضائه اليمين الدستورية- في اليوم الخامس الذي يلي إعلان النتائج النهائية للانتخابات العامة من قبل المجلس الأعلى للانتخابات. وتتألف الهيكلة الإدارية للبرلمان التركي من عدة مكونات أهمها: 1- الجمعية العامة: تعتبر الجهاز المعني باتخاذ القرار النهائي في مجاليْ التشريع والمراقبة وغيرهما من صلاحيات البرلمان، وتبت في قبول مقترحات ومشاريع القوانين التي تقررها اللجان البرلمانية. ويتضمن جدول أعمالها في العادة عدة فقرات أهمها: أ- عروض الرئاسة للجمعية العامة التي تشمل مذكرات كل من رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان ورئاسة الوزراء ورؤساء اللجان. ب- الأعمال الخاصة التي تتضمن مشروعات قوانين الميزانية والحسابات النهائية، وقراءة برنامج الحكومة ومناقشته والتصويت عليه، ومناقشة تقارير لجنة البحث البرلمانية، واستعراض مقترحات الاستجواب ومناقشاتها، ومناقشة مقترحات التحقيق وتقارير اللجان. 2- ديوان الرئاسة: يعد بمثابة المكتب التنفيذي لمجلس الأمة، ويتولى تنظيم الشؤون الإدارية والأنشطة التشريعية. ويتشكل من 15 عضوا هم: رئيس المجلس ونوابه الأربعة وثلاثة من رؤساء الإدارة وسبعة من الكتاب. ويراعى في تشكيلته التمثيل النسبي للأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان. ويجري انتخاب رئيس المجلس مرتين في كل دورة تشريعية على أن تكون ولاية الرئيس الأول سنتين، ويجب أن يحصل الرئيس على ثلثيْ الأصوات في الاقتراعين الأولين، وفي الاقتراع الثالث يفوز من نال الأكثرية المطلقة من مجموع عدد الأعضاء، وفي الاقتراع الرابع يكون التصويت بين المرشحين الأكثر أصواتا، ويفوز برئاسة المجلس أكثرهما أصواتا. وترتيب رئيس البرلمان هو الثاني بعد رئيس الجمهورية في بروتوكول الدولة. 3- المجلس الاستشاري: يرأسه رئيس البرلمان أو أحد نوابه بالتعيين، ويتشكل من رؤساء كتل الأحزاب السياسية أو نوابهم أو النواب المعينين من قبلهم برسالة خطية. وعند الضرورة يمكن لأعضاء الحكومة ونواب رئيس البرلمان المشاركة في المجلس الاستشاري ولكنهم لا يملكون حق التصويت. وتتمثل مهمة المجلس الاستشاري في توجيه الأنشطة البرلمانية وتأمين الانسجام بين أنشطة الكتل البرلمانية. ويجتمع بشكل طارئ في غضون 24 ساعة على الأكثر بناء على طلب رئيس البرلمان أو بطلب من رئيس كتلة حزب سياسي. 4- اللجان: وهي هيئات تمثل مطبخ عملية التشريع، إذ تهيئ النصوص التشريعية وتقوم بتقديم مشاريع القوانين والمقترحات التي تنعقد الجمعية العامة لمناقشتها. وتتشكل من عدد معين من النواب المنتخبين وفق الخبرة والتجربة. ولا يسمح لأحد من أعضاء المكتب التنفيذي (ديوان الرئاسة) أو مجلس الوزراء بأن يكون عضوا في أي لجنة. وتنقسم اللجان في البرلمان التركي من حيث استمراريتها إلى قسمين: أ- اللجان الدائمة: وتعرف أيضا بـ"اللجنة المخصصة"، وتتولى وضع القوانين ودراسة مقترحات ومشروعات القوانين. ويتم تحديد عدد أعضائها من قبل الجمعية العامة عند بداية كل دورة تشريعية، مع مراعاة التمثيل النسبي لكتل الأحزاب سياسية الممثلة في البرلمان وفقا لعدد مقاعدها. ومن أمثلتها لجنة التخطيط والميزانية، ولجنة الدستور، ولجنة المؤسسات الاقتصادية التابعة للدولة. ب- اللجان المؤقتة: وهي تلك اللجان المنشأة لفترة محددة أو من أجل الحصول على المعلومات أو المراقبة. 5- كـُـتل الأحزاب: يحق لكل حزب سياسي ممثل في البرلمان أن يؤسس كتلة برلمانية إذا كان يملك ما لا يقل عن 20 نائبا. وقد نص الدستور على مشاركة كتل الأحزاب السياسية في جميع الأنشطة البرلمانية تشريعا ومراقبة على قدر عدد مقاعدها. ويكون رئيس الحزب هو رئيس الكتلة البرلمانية إذا كان عضوا في مجلس الأمة، وإلا فتنتخب الكتلة نائبا منها لرئاستها. وتنعقد اجتماعات الكتل البرلمانية مرة واحدة أسبوعيا. 5039969995001 c892241e-6810-4429-ade1-3a9cff850d51 343322fb-1bcf-4590-a26a-2e1e7e716617 video المأمورية يتم انتخاب مجلس الأمة كل أربع سنوات وفقا للنظام الانتخابي القائم على التمثيل النسبي, ولا يمكن لأي حزب أن يدخل البرلمان إذا لم يحصل على 10% من الأصوات الصحيحة في عموم البلاد. قرارات ومواقف اتخذ مجلس الأمة التركي طوال تاريخه مجموعة قوانين وقرارات ومواقف سياسية غيرت وجه البلاد ورسمت ملامحها السياسية سلبا أو إيجابا. فقد تولى المجلس توقيع أول معاهدة دولية مع جمهورية أرمينيا يوم 3 ديسمبر/كانون الأول 1920 تم بموجبها إغلاق الجبهة الحربية الشرقية. كما وقع في 16 مارس/آذار 1921 مع الاتحاد السوفياتي "معاهدة موسكو" التي تم بواسطتها الاعتراف بالحدود الدولية لتركيا الحديثة، فكان ذلك أول اعتراف بها من دولة أجنبية. وفي 10 أبريل/نيسان 1928 أجرى المجلس تعديلا دستوريا يتضمن إزالة بند أن "الإسلام هو دين الدولة" فتحول بذلك نظام الحكم في البلاد إلى حكم علماني. وفي 5 ديسمبر/كانون الأول 1934 منح المجلس المرأة حق التصويت والترشح. وكان للبرلمان التركي منذ عام 2003 دور محوري فيتحديدعلاقةالحكومة بالمؤسسة العسكريةوالحد من نفوذها في البلاد وهيمنتها على الحياة السياسية، متذرعة في ذلك بحماية النظام العلماني الذي يؤسس له الدستور. واستخدم في سبيل ذلك ترسانة واسعة من الإصلاحات القانونية والمؤسسية. وحين قامت قطاعات من الجيش التركي بمحاولة انقلابية لإسقاط نظام حكم حزب العدالة والتنمية التركي والاستيلاء على السلطة يوم 15 يوليو/تموز 2016، وقف جميع نواب البرلمان بقيادة رئيسه إسماعيل كهرمان ضد المشاركين في الانقلاب، مما جعلهم يقصفون مبناه بقذائف فقتل جراء ذلك أكثر من عشرة أشخاص وأصيب المبنى بأضرار مادية جسيمة.