منذ فجر التاريخ، وقبل اكتشاف العقاقير الصيدلانية المتعارف عليها حالياً، أدرك الإنسان أن هناك أغذية كثيرة تنطوي على مناجم استشفائية مفيدة جداً سواء للوقاية من الأمراض أو لمعالجتها. وهذه الزاوية تسلط الضوء على بعض «الكنوز» الكامنة في تلك «المناجم». كثيراً ما تُطرح على أطباء واختصاصيي التغذية أسئلة حول تناول كبسولات الفيتامينات والمكملات الغذائية كنوع من التعويض إما بسبب عدم توافر الأغذية المناسبة أو بسبب عدم قدرة الجسم على استخلاص احتياجاته من تلك الأغذية رغم توافرها. وبشكل عام، يُنصح المرضى وغيرهم باستشارة الاختصاصيين في كل الأحوال، وبأن يتناولوا أنواعاً عالية الجودة من الفيتامينات والأملاح المعدنية، إذ أن الأنواع منخفضة الجودة قد تشكل عبئا على الجسم دون أن تفيده. كما ينصح الاختصاصيون بضرورة توخي الحذر في هذا الأمر وعدم شراء أي فيتامينات أو مكملات غذائية وتعاطيها بجرعات غير مدروسة، إذ أن هذا قد يثمر نتائج عكسية غير مرغوبة. وعادة ما يوصي الأطباء المريض بتناول كبسولات فيتامينات ومكملات غذائية معينة من أجل ضمان حصوله على كفايته من عناصر تغذوية معينة، وفي صدارتها فيتامين D وفيتامين B12 والزنك واليود. كما أنه من المفيد أن تتناول مكملات غذائية تحتوي على أحماض أوميغا-3 الدهنية الضرورية لوظائف أعضاء كثيرة وأيضًا لحماية القلب. وهي توجد بشكل طبيعي في خضراوات ورقية معينة وعين الجمل وبذور الكتان وبذور القنب. فنقص فيتامين D على سبيل المثال - وهو الفيتامين الذي يستخلصه الجسم ذاتيا من خلال التعرض لأشعة الشمس - هو اضطراب شائع للغاية، إذ أن كثيرين يتجنبون التعرض للشمس، ويستخدمون المستحضرات المضادة للشمس. وأدى هذا الأمر في تفشي مشكلة نقص فيتامين د لدى ثلاثة تقريباً من بين كل أربعة أشخاص على مستوى العالم. أما فيتامين B12 فإنه يساعد على تصنيع خلايا الدم الحمراء، كما يبقي جهازك العصبي يعمل على نحو جيد. وهو يوجد أساساً في الأطعمة حيوانية المصدر. فبعض الناس قد يصبحون عاجزين عن امتصاص فيتامين B12 بشكل طبيعي من الطعام (خاصة من تجاوزوا الخمسين)، ومن ثم فإن تناول مكمل غذائي يصبح ضروريًّا للمحافظة على فاعلية الجهاز المناعي؛ خاصة لدى الأشخاص الأكبر سنًّا. في المقابل، ينصح الأطباء بتفادي تناول جرعات عالية من مكملات غذائية بعينها، بما في ذلك تلك التي تحتوي على فيتامين A (200 وحدة دولية أو أكثر)، وحمض الفوليك، والبيتا كاروتين، والنحاس. فهضم تلك المكملات الغذائية تحديدا قد يتعارض مع قدرة جسمك على امتصاص كاروتينات أخرى غاية في الأهمية مثل اللوتين والليكوبين؛ وهو ما يزيد احتمال إصابتك بالسرطان. كما يوصي أطباء مرضاهم بتجنب المكملات الغذائية التي تحتوي على عنصر اليود، وذلك لأن ملح الطعام يمد الجسم بكميات وافرة من ذلك العنصر. ولا يوصى بتلك المكملات إلا إذا كان النظام الغذائي للمريض يحظر عليه تناول أي ملح. ختاماً، من المهم التشديد على أن المكملات الغذائية هي مجرد عوامل مساعدة لا أكثر ولا يمكنها وحدها توفير الحماية للجسم ضد الأمراض، أي أنها لا تغني عن اتباع نظام غذائي صحي.