قبل عشرة أعوام من الآن، ضجت وسائل الإعلام العالمية بفضيحة الكرة الإيطالية الشهيرة بـالكالتشيوبولي والتي راح ضحيتها أندية كبيرة أبرزها يوفنتوس بطل الدوري موسمي٢٠٠٤ و ٢٠٠٥ الذي جُرد منهما بفعل هذه الفضيحة وهبط إلى دوري الدرجة الثانية مع خصم تسع نقاط من رصيده، وحرم من المشاركة في دوري أبطال أوروبا ومُنع رئيسه حينها لوتشيانو موجي من العمل الرياضي مدى الحياة، وطالت العقوبات نادي ايه سي ميلان الذي عوقب بخصم ثماني نقاط من رصيده، والخصم طال لاتسيو فيورنتينا بواقع ١٢ نقطة، بجانب ريجينا الذي حُرم من ١١نقطة، عدا عن حرمان هذه الفرق من اللعب أمام جماهيرها لعدد متفاوت من المباريات. كل تلك القضية تفجرت بعد ظهور تحقيقات في مدينة نابولي تتعلق بمقاطع صوتية لرئيس السيدة العجوز موجي والتي كانت يتحدث خلالها إلى مسؤولين في اتحاد الكرة الإيطالي بشأن تعيين حكام تربطهم بناديه علاقات جيدة لقيادة مباريات الفريق الإيطالي العريق، وهو ما ثبت لاحقاً وتم إقرار العقوبات على العديد من الأسماء فضلاً عن الأندية. في دوري الدرجة الأولى السعودي، نحن أمام قضية مشابهة، ولكن الخيوط حتى الآن لم تلتف حول أسماء رؤساء أندية أو مسؤولين أو حتى حكام على غرار ماحدث في إيطاليا، ولا حتى باللاعبين، بل إن الأحاديث بعد بيان هيئة الرياضة التاريخي حول وجود شبهة التلاعب في هذه المسابقة، تدور حول مقطع صوتي سربه أخصائي علاج يعمل في أحد الفرق المتورطة. ليس سراً أن الجولات الأخيرة من دوريي الأولى والثانية تحوم حول نتائجها وسيناريوهاتها الشكوك خصوصاً تلك التي تهم طرفاً دون الآخر، وثمة تصريحات ظهرت على استحياء ولم تلق أدنى اهتمام رسمي أو إعلامي لفتح الملف المسكوت عنه، فرئيس سدوس السابق محمد المعمر اتهم أندية بعينها بالتآمر على تهبيط فريقه، لكنه لم يقدم أدلة مادية على مايقوله وقوبل حديثه بالصمت، ما ينطبق على معظم الحالات التي فاحت منها رائحة التلاعب. لكن ثمة قضايا مشابهة لم يتم التعامل معها بهذه الدرجة من الشفافية، أبرزها اتهام لاعب الدرعية علاء مسرحي لإدارة القادسية قبل أكثر من عام والتي شهدت تدخل رئيس الدرعية على الخط وتأكيده على وجود تسجيلات صوتية تدين القادسية، ليكتفي معها اتحاد الكرة بوضع الملف في أدراجه، ناهيك عن اتهام حارس نجران السابق جابر العامري للوحدة ولزميله السابق منصور الثقفي عبر تسجيل صوتي سمعه القاصي والداني قبل ستة أعوام، فيما لم تشهد الملاعب السعودية عقوبات تتعلق بالتلاعب سوى في مناسبة واحدة كانت تخص مباراة الوحدة والتعاون موسم ٢٠١٠ حين اتخذ اتحاد الكرة قراراً بخصم ثلاث نقاط من الفريقين استناداً على امتناع الفريقين عن اللعب بجدية وهو مانقلته كاميرات القنوات الناقلة آنذاك. التعامل مع مثل هذه القضايا التي تجيء على غرار الكالتشيوبولي لدى صناع القرارين الرياضي والكروي محلياً يظهر متناقضاً وغير واضح، فتارة تعامل على طريقة الدمدمة وتارة شفافية تثير الإعجاب، مايستدعي المطالبة بأن تكون القضية التي كشفت عنها هيئة الرياضة الأربعاء الفائت بداية عهد جديد من حفظ النزاهة والوقوف بوجه التلاعب في المسابقات الكروية.