أعلم أن عنوان المقال كبير وفضفاض، ولا يمكن لهذه المساحة الصغيرة أن تفيه حقه من النقاش، إنما أحرص قدر الإمكان على الإشارة التي تغني اللبيب. جولة الأمير الشاب في الولايات المتحدة الأمريكية ولقاؤه مع صناع القرار هناك سياسيًّا واقتصاديًّا، إعلاميًّا وشعبيًّا، تشكل ملامح التحوُّل والتجديد السعودي، وبدء الإعداد والتهيئة للنهوض وتوظيف الإمكانيات والموارد التي لم تلق العناية والاهتمام الكافيين سابقًا. ومن بين تلك الموارد تبرز الإمكانات البشرية والاقتصادية غير النفطية. ومن يدقق في جولة الأمير محمد بن سلمان ولقاءاته بمديري شركات التقنية والإعلام ومواقع التواصل يدرك أبعاد هذا التحول. وتدريب شباب سعوديين في شركة عملاقة مثل فيس بوك مثال ناصع. قطاع الترفيه نال قسطًا وافرًا من برنامج الأمير الشاب. ونعلم جميعًا تأخرنا وضحالة غالبية مرافق الترفيه لدينا منذ عقود. وتأثير ودور الترفيه على إنتاجية ومزاج ونفسية المجتمعات لا يخفى على عاقل. والكل يعلم ما خلفه فقر هذا القطاع لدينا من تدني الذائقة الفنية وحتى السلوكية لدى البعض منا، وانعدام فرص الترفيه النظيف الراقي ومن ثم تعكر مزاج الإنسان السعودي وفورته السريعة لأتفه سبب، وقبل هذا الهوة الفاصلة بين ما يؤمن به وسلوكه العام في الشارع والعمل والأماكن العامة. وبطبيعة الحال، ليس هذا تعميمًا ولا جلدًا للذات، فلله الحمد في مجتمعنا من يذكرك بخير هذه الأمة، والمجتمعات الإسلامية الأخرى كذلك. المجال الاقتصادي في الصناعات العسكرية والمدنية، ومنها السيارات وقطع غيارها والأدوية والمستلزمات الطبية، وشركات التجزئة الأجنبية، إضافة إلى فرص فتح الجامعات العريقة والأكاديميات فروعًا لها بالمملكة، كل هذا وغيره يشكل تحولاً تاريخيًّا، كان خيالاً بالأمس القريب، لكنه أصبح أملاً مشرقًا. نقول هذا ولا نغفل أن الطريق مليء بتحديات جسام، يعيها أهل العزم، تتعلق بتغيير ثقافة متكلسة لدى بعض الجهات وبعض العقليات، ونسف مسلَّمات إدارية بالية، وإحلالها بتيسير ودينامية شاملة، وفتح الأبواب للمستثمر الجاد؛ ليفيد ويستفيد. وفق الله بلادنا.