من منا لم يستعجل النجاح والشهرة في فورة شبابه، ويسخر من هؤلاء (الشواكيش) وهم ينصحونه بكبح رغبته الجامحة في أن يصبح (النجم الثاقب خان) في غمضة عين؟ يشكر لهم في (البداية) صدقهم في إسداء النصح مجانا، رغم ارتفاع الأسعار في كل شيء! وفي (الوسط) يكتم شفقته على عدم إحساسهم بأن الزمن تغير، وما كان يتطلب سنوات طويلة لتحقيقه في جيلهم، أصبح ممكنا بضغطة زر! وفي (النهاية) ـ إن زودوها عاد ـ فلن يتردد في اتهامهم بالحسد، والغيرة، ومحاربة النجاح، ومعاداة (السامية)! فمن وكيف يُفهِّم هذا الفراش المبثوث، المتهافت على النار من الشباب؛ بأن (البومب) قبل أوانه قد يدمر كل شيء! وأن الزمن لم ولن يتغير، وما يزال يفرض ضرائبه الباهظة على كل (مواااطٍ) تسوِّل له نفسه بالنجاح والشهرة والثراء، ما عدا نجوم (الطفرة الأولى) من هوامير (الشبوك)! ومنذ الثمانينات الميلادية، ومسلسلة إجهاض المواهب باستعجال الشهرة مستمرة في مختلف المجالات؛ ففي التمثيل التلفزيوني ـ وهو الأكثر بريقا بعد الشعر الشعبي ـ حاول المنتج (محمد حمزة) أن يحقق النجومية مؤلفا وممثلا (وكل حاجة)؛ فجاد بعمل هو من أسذج ما تفتقت عنه الرغبة البشرية الطبيعية في الشهرة! وسماه (أصابع الزمن)، ولم يكتف فيه بتلميع ذاته؛ بل أحرق طفليه ـ آنذاك ـ (وائل) و(لؤي)؛ فلم يستطيعا الخروج من جلباب والدهما لحظة! ويبدو أنه الوحيد الذي لم يشاهد (أصابع الزمن)، رغم إعادته عشرات المرارات؛ ولهذا لم يتوقف عن تكرار المحاولة، وكان أخطرها في (أين الطريق 1999)، التي (سَعْوَدَ) فيها المخرج السوري المحترف (نجدة إسماعيل أنزور)؛ فصار بعدها يعمل للسعوديين الأُمِّيين (على قد فلوسهم)! وعلى خطى (محمد حمزة) حاول طالب الثانوي (طلال شقدار) ـ رحمه الله ـ أن يكون المؤلف والممثل (وكل حاجة)؛ فقدم للتلفزيون (1983مم) عملين تافهين من إنتاج (الوالد برضو)، قبل أن يحترم نفسه وعائلته العريقة، ويصبح طبيبا ناجحًا! وبين عشرات الأسماء يظل (حسن عسيري) الزعيم الخالد، للإصرار على تحقيق النجومية بفلوسه! ولكن لحسن الحظ لم يكن له أطفال؛ فلم يجد ما يحرقه باستعجال الشهرة سوى (أنفه) الأشم، الذي يمكن أن يشم به النجاح في كل شيء إلا الفن! وفي كل الفنون إلا الدراما! وفي كل الدراما إلا الكوميديا! نقلا عن مكة