نظم بيت الشعر في الشارقة ضمن نشاط منتدى الثلاثاء ندوة بعنوان تجليات رمضانية في الشعر العربي، وشارك فيها كل من الدكتور أحمد عقيلي والشاعرين عبدالله أبو بكر وسامح كعوش وقدمتها الدكتورة نبال المعلم.استهل الدكتور أحمد عقيلي ورقته بأبيات عن ذكرى المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - طيب الله ثراه، وتحدث عن أثر الشعر ودوره، وعن تعاطي الشعر العربي مع رمضان منذ العصور المتقدمة في الإسلام. قال د عقيلي: استبشر الشعراء بقدوم رمضان واعتبروا أنه شهر الخير والعطاء، والنبع الذي ترتوي منه القلوب المؤمنة، وأن من ضمن ما تطرق إليه الشعر في رمضان الاعتدال في الطعام ودلل على ذلك بأبيات للشاعر معروف الرصافي، يقول فيها: إِذَا رَمَضَانُ جَاءَهُمُ أَعَدُّوا مَطَاعِمَ لَيْسَ يُدْرِكُهَا انْهِضَامُ فَإِنْ وَضَحَ النَّهَارُ طَوَوْا جِيَاعًا وَقَدْ هَمُّوا إِذَا اخْتَلَطَ الظَّلامُ بدوره تحدث سامح كعوش في ورقته رمضان في الشعر.. حكمة الدهر عن الشعر واقترابه من قضايا الإنسان الوجودية، وتوقف عند الحضور الطاغي لثيمة الشهر الفضيل وقيمته في رحاب القصائد، فهذا الشهر هو من أعظم الشهور، لا للمؤمنين المتفرغين للعبادات فيه فحسب، بل لمطلق الإنسان المؤمن بوحدانية وعظمة الخالق الرحمن، والموقن بضرورة صومه للّه سبحانه وتعالى، وأضاف كعوش: محطتي الأولى في سياق البحث في هذه التجليات، أبياتٌ معبّرةٌ من أعماق فقيه هو ابن الجوزي في بستان الواعظين، يقول: والشَّهرُ شهرُ إلهِ العرش مَنَّ به ربٌّ رحيمٌ...، مبرزاً القيمة الكبرى لرمضان في ميزان الخالق والخلق، فهو الشهر الذي لإله العرش دون العالمين، الذي يعادل صومه، بالمغفرةِ وصدق البذل، نيلَ الجنة كجائزة كبرى للصائم، يقول ابن الجوزي: فصام فيهِ رجالٌ يربحون به ثوابَهم مِن عظيم الشَّأنِ غفَّارِ فأصبحوا في جِنانِ الخُلد قد نزلوا مِن بينِ حورٍ وأشجارٍ وأنهارِ ولهذا يربط الشعراء بحسهم العالي بالمسؤولية وعظمة حملهم رسالة الأخلاق بين القيمة الدينية والأخلاقية المتوجبة في الصائمين. الشاعر عبدالله أبو بكر تطرق إلى محور جدوى الشعر، مستهلا حديثه بمقولة للأديب الروسي ديستويفسكي الذي كان يعتقد أن الشعر يستطيع أن ينقذ العالم. وقال أبو بكر بهذا المعنى، يبرز دور الشعر كقوّة عظيمة، قادرة على قلب موازين الأشياء، وتجميلها، وتغييرها حسب معايير الجمال والدهشة. وأضاف: لم يكن الشعر العربي في أي عصر مضى، مجرد فنٍّ كتابيٍ أو نصٍّ أدبيٍ يخضع لشرط الوزن والإيقاع، بل تجاوز ذلك فكان عاملاً فاعلا في تغيير حياة المجتمعات وإعادة تشكيل مفاهيمها ومصطلحاتها الكبرى. هكذا وقف الشعر إلى جانب السياسي، كما وقف إلى جانب المقاوم، والمرأة، ورجل الدين، والإنسان بصفة عامة. إنه الحاجة إلى الجمال، والبناء، في ظل تزاحم الفوضى، لأن الشعر في حقيقته إعادة إعمار للمعنى وكذلك للحلم، وحتى للحقيقة، التي لا تبدو كاملة في زمن السير إلى الوراء، والتشكيك بالثقافة العربية الصافية، من قبل من أرادوا محاصرة أمتنا داخل أسوار الرجعية والانغلاق. و تحدث أبو بكر عن الشعر العربي في صدر الإسلام والشعراء الذين عاشوا بدايات الدعوة وذكروا فضائل وصفات رسول الرحمة والدين الحنيف، ثم عرج على الأئمة الشعراء الذين أسهموا من خلال أشعارهم في ترسيخ قيم التسامح أمثال الإمام الشافعي وغيره، واختتم أبو بكر بحثه بالقول :لا ننسى أن هناك فضلاً كبيراً لشعراءَ رحلوا بعد أن تركوا في نفوسنا أثراً عظيماً بفعل ما كتبوه لحظة بلحظة. إنهم الأموات الذين يحكمون الأحياء كما قال ذات يوم الفيلسوف الفرنسي أوغست كونت، معبراً عن الأثر الذي يتركه العلماء والشعراء والفلاسفة لصالح خير الأمم. في ختام الندوة كرم الشاعر محمد البريكي مدير بيت الشعر المشاركين فيها. وقال البريكي: في هذا الشهر الكريم نتذكر قبل سنوات ذلك الحدث الجلل، فقد رحل مؤسس الدولة وبانيها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، وإنني إذ أستذكر معكم هذا الرحيل فإنني أنتهزها فرصة للدعاء الدائم له بالرحمة والمغفرة، وأن يحفظ الإمارات وجميع الدول العربية والإسلامية من كل بلاء، وأن يوفق ولاة الأمر لكل خير.