×
محافظة المنطقة الشرقية

بالصور.. ناصر بن حمد يستقبل إنفانتينو ويؤكد دعم البحرين للفيفا

صورة الخبر

كان لدينا رمضان واحد للصوم، وقراءة القرآن، وتبادل أطباق الهريس والفرني، وزيارات الأهل والجيران بعد صلاة التراويح، صار فيما بعد رمضان صراع المأكولات والحلويات والوصفات وبرامج الطهي وموديلات الجلابيات والسباق نحو الجمعيات والاستفسارات الغريبة عما يفطر يا شيخ وعما لا يفطر يا شيخ. وكأن البعض يصوم لأول مرة في حياته! فيما بعد جاءتنا حكاية الكاميرا الخفية - البرنامج الأسخف في التلفزيونات العربية على الإطلاق ـ تلا ذلك مسلسل ليالي الحلمية وباب الحارة والحاج متولي لتكر المسبحة ويتحول رمضان إلى شهر مسلسلات بامتياز، فيتسابق المخرجون والقنوات على إعداد مؤونتهم الدرامية لرمضان مبكراً كما تلهث الأسر لتوفير مؤونة الشهر من مختلف الاحتياجات والأطعمة! اليوم زادت القنوات الفضائية بشكل كبير جداً، وكلها لها نصيب من كيكة هذه المسلسلات، فأكثر من 200 مسلسل عربي تعرض على القنوات موزعة على عدد من الساعات يتجاوز ساعات اليوم الواحد، نصف هذه المسلسلات معروضة على قنواتنا الخليجية بسبب قدرتها الشرائية، كل المطلوب من المشاهدين أن (يشدوا حيلهم) ويتسمروا أمام الشاشات ويلتهموا بحواسهم كلها آلاف الأفكار والمشاهد والأحداث، الفائز شركات الإنتاج والإعلانات، والخاسر هو المشاهد حتماً، وسؤال بسيط جداً يوضح ذلك: ماذا بقي من مسلسلات رمضان الماضي وما قبله؟ لا شيء سوى قبض الريح والفراغ! لقد تم بفعل سطوة منطق السوق تحويل كل شيء في الحياة إلى أشياء، ومثلها تم تشييء رمضان، أي تحويله من شهر للقيم والعبادة والبساطة والتخفف من وطأة الماديات واللهاث والانشغالات إلى بازار (سوق) حقيقي، للمسلسلات والأطعمة والملذات وإضاعة الوقت، لكنها الملذات التي لا ذاكرة حقيقية لها ولا خصوصية، فاليوم لا يزال إخوتي الشباب يسألون عن (لقيمات جدتي) و(فرني أمي) وتجمع الأسرة على وجبة الفطور، بدون ماجي وڤيمتو وتانك ومعجنات وأصناف السوبرماركت، إن جزءاً كبيراً من جمال رمضان يكمن في خصوصيته وطقوسه وبهجته في النفوس، وأجوائه العائلية، فلماذا علينا أن نتسمر أمام عادل إمام وهو يكرر نفسه بذات الطريقة كل عام أو ليلى علوي أو الفخراني أو... ونتركهم يسرقون منا وقتاً كبيراً يمكن أن نقضيه فيما هو أجمل وأفضل؟ وبلا أدنى شك فإن هناك أعمالاً جيدة تعرض في رمضان من قبيل التوعية والتسلية وإضفاء حالة من السلاسة على الوقت، كالعمل المهم (خيانة وطن) وساق البامبو، وسمرقند، إلا أن التخمة في كل شيء غير مطلوبة، أي يكفي عدد من المسلسلات يتابعها المشاهد بهدوء بدل هذا الإيحاء بأن معركة كسر عظم منصوبة في الفضاء التلفزيوني وعلينا أن نشهدها بأي طريقة!!