×
محافظة المنطقة الشرقية

السعودي الفرنسي كابيتال تعلن 79.56% تغطية الأفراد لاكتتاب شركة لازوردي للمجوهرات

صورة الخبر

التصنيف أمر موجود في الحياة، في نطاق العلوم والمعارف، وفي نطاق البشر وانتماءاتهم وميولهم وتوجهاتهم، وفي نطاق الكائنات الحية الأخرى، وفي مجالات كثيرة لا تنحصر، ومن أبرز التصنيفات على مستوى البشر، التصنيفات الدينية والفكرية، وتتنوع هذه التصنيفات واستخداماتها، بين ما هو سلبي مضر، وإيجابي نافع، وبين ما هو قائم على تصور صحيح، وما هو قائم على تصور خطأ، وبين ما هو مبني على غرض هادف، وما هو مبني على غرض هدام، فعلى مستوى الخطاب الديني، نجد هناك مصطلحات كثيرة، مثل سلفي وأشعري وتكفيري وسروري وإخواني وتبليغي وصوفي وغيرها، وعلى مستوى الخطاب الفكري، نجد هناك مصطلحات، مثل حداثي وليبرالي وتنويري وظلامي وتقدمي ورجعي وغيرها. إننا ندرك بطبيعة الحال، أن هناك في المجتمعات طوائف وتيارات وأحزاباً وتوجهات مختلفة في اتجاهاتها، متفاوتة في تأثيراتها، وهذه حقيقة واقعية لا يمكن الفرار منها، كما نجد أن هناك تصنيفات دارجة، بعضها يهدف إلى توثيق الأصناف، ومعرفة الأفكار والأهداف، ومعرفة مدى سلبيتها وخطورتها، أو مدى إيجابيتها وأهميتها ونفعها، سواء في النطاق الأكاديمي والعلمي، أو النطاق الأمني، أو في باب الدراسات والبحوث أو غيرها، مبنية على المخرجات الدالة على هذا الصنف وأصوله وجذوره، وذلك كوسيلة من وسائل التعامل مع بعض هذه المجموعات، وخاصة المجموعات الإرهابية ذات الأثر المدمر على الدول والشعوب، لخطورتها البالغة، فتجفيف منابعها، يقتضي بالضرورة معرفة أفكارها وجذورها، وتمييز أصحابها بعلامات فارقة، لحماية المجتمعات من ضررهم المتعدي، وقد تعاملت دولة الإمارات مع التنظيمات الإرهابية بمنتهى الواقعية والحكمة، فأصدرت في نوفمبر 2014، لائحة تشتمل على أكثر من 80 منظمة إرهابية. إن هناك من يرفض التصنيف مطلقاً، ولو كانت لأهداف ضرورية، كحماية الأمن الوطني وحماية المجتمعات من خطر أصحاب الأجندات الإرهابية، وقد يكون له غرض من ذلك، وهو التغطية على المتطرفين، وصرف الأنظار عنهم، ليتسللوا إلى العقول، ويدمروا المجتمعات، وهناك في المقابل، من قد يتسرع في التصنيف، دون بينة ولا تثبت، فيرمي فلاناً بأنه تكفيري أو ليبرالي أو علماني، دون أدلة صحيحة موثقة، تدل على أنه كذلك، وبلا مراعاة للمصالح والمفاسد، وقد يصح بعضها في مقتضى الواقع، وقد لا يصح بعضها، وهذا التسرع في الرمي بالمصطلحات، له أضرار كبيرة، فهو يؤدي إلى زرع الطائفية والشقاق، وتقسيم المجتمعات إلى كتل متناحرة ومجموعات متضادة، كل مجموعة تنكفئ على نفسها، وترشق الأخرى، وقد تبدأ هذه الكتل بالتراشق، وتنتهي بما هو أشد من ذلك، كما يحدث في بعض الدول، كما تكمن خطورة هذا التسرع في جزئية أخرى، وهو فتح الباب أمام المنظمات الخارجية والدول المعادية لاختراق هذه المجموعات، وتوظيفها كأدوات للصراع والشقاق، وتنفيذ المخططات، سواء بطرق مباشرة أو غير مباشرة. ومن التعاملات السلبية الخطيرة في هذا الباب، استغلاله لإذكاء الطائفية في المجتمعات، وتحريض صنف للفتك بصنف آخر، والتهييج على الاعتداء وإسالة الدماء، وهذا باب خطير جداً، ومن التعاملات السلبية في هذا الباب أيضاً، الخوض فيه دون تصور صحيح، ولا تحرير علمي دقيق، فيخلط الشخص بين صنف وآخر، وقد يصنف أشخاصاً بأنهم ليبراليون، دون أن يعرف ما هي الليبرالية، وقد يكون من أطلق عليهم هذا المسمى، ليسوا كذلك، فلا يتبنون الأصول الليبرالية، ولا يدعون إليها، وقد يصنف أشخاصاً بأنهم سروريون، دون أن يعرف ما هي السرورية، وقد يكون من أطلق عليهم هذا المسمى، ليسوا كذلك، لأنهم لا يتبنون أصول السرورية، ولا يدعون لها، والسرورية فكر حركي، تم تطويره على يد محمد سرور زين العابدين، إخواني سابق، بمخرجات قائمة في الأصل على فكر سيد قطب، ومن أصولهم، الإشادة بأفكار سيد قطب، ولهم موقفهم المؤيد للثورات، وموقفهم السلبي من الحكام، وموقفهم الفوضوي في مسائل الجهاد، إلى غير ذلك من أصول فكرهم، وهذه السلبيات قد يُظهرون بعضها ويخفون بعضها، بحسب ما يسمونه بفقه المرحلة. ومن التعاملات السلبية كذلك، توظيف التصنيف والمتاجرة به، لتحقيق مصالح، أو لتصفية حسابات، أو للانتصار لبعض الآراء، أو لتشويه الخصوم وإسقاطهم، فيرمي صاحب هذا الاتجاه، من خالفه في الرأي، بالكفر والردة والزندقة، أو بالإرهاب والتطرف والدعشنة، دون أي سند ودليل، سوى التجني والتبلي، وظاهرة توظيف المصطلحات لها سلبيات كبيرة، منها، أنها تصرف الناس عن الأسباب الحقيقية للمشكلات الفكرية، كالإرهاب، وتشغلهم بجدالات ساخنة لا تخدم مجتمعاتهم ولا أوطانهم، حتى رأينا في بعض المجتمعات، من يعتبر موقف الفقهاء من الموسيقى، كافياً في تصنيفهم كداعشيين، وأن كل من لا يطرب، فهو داعشي، ولو كان رأسه مطلوباً عند داعش لمحاربته لفكرهم، وهذا نوع من المتاجرة بالتصنيف، لتأييد رأي على رأي، أو لفرض قول على آخر. والواجب على الإنسان، ألا يتسرع في إطلاق المصطلحات التصنيفية، وأن يحررها تحريراً علمياً دقيقاً، وفق الأصول القائمة عليها، بكل موضوعية، وأن ينظر بعين الاعتبار، إلى ما يحقق المصلحة للأوطان والشعوب، ويدفع عنها المفاسد، وما يتوافق مع تعاليم الشرع الحنيف، وينسجم مع القوانين، التي تهدف لسد الفتن وجلب الاستقرار، حتى لا تصبح المجتمعات بؤراً للتصارع والتراشق والفوضى والطائفية.