تشتهر منطقة القصيم بالعديد من الحرف التقليدية التي يتفنن صنّاعها في إبراز مشغولاتهم اليدوية وتحويلها لأدوات للاستخدام اليومي في المنزل وغيره, ومن أبرز تلك المشغولات اليدوية صناعة الصحاف الخشبية والمغارف المستخدمة في الطهي والأبواب الخشبية التراثية والنوافذ القديمة التي تحاكي الطراز النجدي للعمران في الماضي وألعاب الأطفال وأدوات الصيد ( النباطة ) وأدوات الزراعة سابقاً مثل نصاب الفاروع والمساحي , وأدوات أكثر شيوعاً مثل ما يسمى ( المخلب ) المستخدم في تقليم النخل والقدوم . كما تمتد الصناعات اليدوية لتشمل صناعة أدوات استخراج المياه والسقيا مثل ( المحالة , البكرة ) المستخدمة في ما يسمى السواني, وكل هذه الصناعات أثبتت جدية صلاحيتها حتى وقتنا الحالي، كما أن لها آلية تصنيع مختلفة, حيث يعمد الناحت و الحرفي لتحويل أخشاب شجر الأثل إلى أدوات يختار فيها نوع معين من الجور لكل آلة مقاس وشكل يستغرق فيها أوقات طويلة للحفر والتقليم وتقشير القشور السطحية واختيار لون واحد, وما يميز تلك المشغولات تفاوت أسعارها حسب حاجة المستخدم لها حيث اختلفت أسعار أدوات الطهي صغيرة الحجم من المغارف وغيرها, إلى ما بين 15 إلى 35 ريال وأما الكبيرة منها المجهزة للمناسبات وقصور الأفراح وإعداد الولائم الكبيرة, فتراوحت أسعارها ما بين 50 إلى 80 ريال ، والصحاف الخشبية التي تختلف مقاساتها حسب طلب الزبون الذي يحدد حاجته وطلبه للحرفي قبل وقت كافٍ, تتفاوت أسعارها تدرجياً ما بين 150 إلى 1700 ريال ، وتمتاز تلك الصحاف بجمال شكلها, الذي جعل منها لوحة فنية تزيّن المجالس التراثية وتضفي منظراً جمالياً لها. وأرجع المواطن محمد الجمعة البالغ من العمر 90 عاماً في حديث لوكالة الأنباء السعودية أهمية وضرورة تلك الأدوات إلى عهدٍ سابق، لمّا كان الحصول عليها شاقاً، ويزيد من ذلك قلة الموارد المالية، التي تجعل من الصعب توفرها علاوة على اكتمالها لدى بيت واحد أو أسرةً واحدة. وأوضح الحرفي عبدالرحمن الدحمان من جهته, أن لهذه المهنة معايير خاصة، ترتبط بمهارة الحرفي الممارس لها، فالسبق يسجل في معظم الأوقات للحرفي الذي تتميز مشغولاته بلون واحد، باختلاف أشكالها وأحجامها، عادّا هذا المعيار الأكثر ملاحظةً وتعليقاً من المتبضعين. ولفت مدير فرع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بمنطقة القصيم إبراهيم علي المشيقح النظر إلى البرنامج الوطني لتنمية الحرف والصناعات اليدوية “بارع”، بوصفه نشاطاً يؤكد اهتمام الهيئة بهذا الشأن، لاسيما وأن البرنامج يقدم الدعم لهذه الأنشطة الحرفية, ويعمل على رفع مستوى الإتقان والابتكار لدى الحرفيين والحرفيات، إلى جانب مراعاته لتوفير فرص عمل جديدة، وإيجاد مصادر دخل إضافية للأسر المهتمة بالعمل الحرفي، في سبيل الحفاظ على الحرف التقليدية المرتبطة بتراث مناطق المملكة المختلفة. ويعمل مجلس التنمية السياحية بمنطقة القصيم على دعم إستراتيجية برنامج “بارع”، عبر إطلاق البرامج والفعاليات التي تدعم المجال الحرفي بالمنطقة، وإعداد قوائم تتضمن بيانات الحرفيين والحرفيات بالمنطقة وأنواع الحرف التي يعملون عليها والبالغ عددهم قرابة ( 85) حرفيًا وحرفية بالمنطقة، بالإضافة إلى دعم الفعاليات الحرفية المقامة بالمنطقة وإتاحة الفرصة للحرفيين والحرفيات لتسويق منتجاتهم وأعمالهم.وتولي الهيئة والمجلس تسويق منتجات الحرفين جانباً كبيراً من الاهتمام، لاسيما عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث بلغ عدد المشاركين في الفعاليات السياحية خلال العام قرابة (100) حرفي وحرفية في أكثر من (9) مهرجانات، ولأهمية إيجاد بيئة تسويقية ناجحة للحرفيين فقد اعتمد مجلس التنمية السياحية بالمنطقة مواقع متميزة كأسواق شعبية دائمة تعتمد على مشاركة الحرفيين والأسر المنتجة مثل مركز الحرف اليدوية بمدينة بريدة الذي تم تخصيصه للحرفيين والحرفيات بإشراف الهيئة وسوق المسوكف الشعبي بعنيزة الذي تم إنشاءه بمبادرة وطنية من أبناء الزامل وذلك باتفاق مع أمانة المنطقة المالكة للموقع ، بالإضافة إلى عمل الهيئة حالياً وبالتنسيق مع الشركاء لتهيئة مواقع جديدة تخدم الحرف والأسر المنتجة مثل بلدة الخبراء التراثية وبلدة المذنب التراثية وإقامة الفعاليات والدورات التدريبية الحرفية وتوفير عوامل الجذب للزوار لخدمة و دعم الحرفيين وتنشيط هذه المواقع ، بالإضافة إلى ترشيح الحرف المتميزة للمشاركة في الفعاليات الوطنية والمسابقات المتخصصة مثل فعاليات سوق عكاظ والذي تضمن في دورته الأخيرة حصول أحد حرفيي المنطقة عبدالله الصالحي (حرفة نحت المجسمات) على المركز الثالث بجائزة سوق عكاظ للإبداع ، وكذلك دعم مشاركة الحرفيين في فعاليات دولية مثل (مهرجان الشيخ زايد بالإمارات و مهرجان الموروث الشعبي بدولة الكويت ).وفي الجانب التدريبي يحرص فرع الهيئة بالقصيم على توفير برامج تدريبية بالتعاون مع الشركاء من الجمعيات الحاضنة للحرف والقطاع الخاص واستقطاب المدربين المتميزين لتنفيذ هذه الدورات للحفاظ على الحرف من الاندثار وتوفير عدد أكبر لتلبية احتياجات أهل المنطقة والزوار من المنتجات الحرفية.كما أن الهيئة وبالتعاون مع المؤسسة العامة للتدريب المهني والمديرية العامة للسجون عملت على تنظيم لقاء تعريفي لنزلاء سجن مدينة بريدة، تمهيداً لتنفيذ دورات تدريبية حرفية للنزلاء، والاستفادة من وقت الفراغ لديهم، بتعليمهم حرفة يدوية تسهم في توفير فرص عمل للحرفين، وللنزلاء المتدربين بعد انقضاء فترة عقوبتهم.