"التوحد" المرض اللغز الذي حير العلماء وأدمى قلوب الأمهات، لا أسباب واضحة له ولا علاج محدد له، وكل مصاب يعد مختلفا تماما عن غيره، كما يؤكد المختصون في علاج التوحد، ما زاد من صعوبة تشخيص المرض والسيطرة عليه. تقول لـ "الاقتصادية" رهام علي والدة طفلين مصابين بالتوحد، إن سلوكيات طفليها خارجة عن السيطرة تماما ومؤذية لهما ولها، لافتة إلى أن الأدوية والمراجعات الطبية لم تظهر أي تحسن ولو طفيف على حالتيهما. وأضافت أن طفلها الأصغر (تسعة أعوام) يشرب بوله دائما ما عرضه لأمراض عضوية، فضلا عن الصراخ المستمر والبكاء وكثرة الحركة، أما الآخر (12 عاما) يعاني حالة الصراخ طوال فترة الليل ولا ينام إلا ساعات قليلة ولا يميز بين الحار والبارد، وكثيرا ما يتعرض للحروق لأنه يلعب بالنار إذا رآها. وتبين عليا السبيعي التي لديها طفل توحدي (ستة أعوام)، أنها بدأت رحلة العلاج والتأهيل له منذ عامين ولم تحقق أي نتائج تذكر، مردفة أن طفلها منذ ولادته لاحظت عليه فرط نشاط غير طبيعي ولا يجلس أبدا ويكسر ويضرب ولا يتكلم حتى الآن، حتى أنه لا ينطق كلمة بابا أو ماما ولا يتعرف على والديه ولا يستجيب عند مناداته، ويصرخ وهو نائم ولا يلعب مطلقا مع الأطفال، فضلا عن التبول في أي مكان داخل البيت، مبينة أن إمكانية العلاج داخل السعودية ضعيفة ومكلفة وهو ما يزيد من معاناة الأسر كونهم يعتصرون ألما وهم يرون طفلهم يوميا بهذه الحالة، شاكية من التعب الجسدي الذي يلم بها في متابعة طفلها التوحدي والحفاظ على سلامته. وأشارت إلى أن المدارس ورياض الأطفال في السعودية ترفض تماما التحاقهم خاصة إذا اكتشفوا أنه توحدي ما يزيد من معاناة الأم التي تصبح سجينة معه في البيت خوفا عليه. من جانبه، يؤكد لـ "الاقتصادية" الدكتور خالد الرشيد مختص في علاج التوحد، أن سلوكيات أطفال التوحد لا يمكن السيطرة عليها لكن تجارب حديثة أظهرت أن الاستخدام الصحيح للألوان يمكن أن يزيد التركيز والنشاط والقدرة على التعلم والفهم والتذكر بين 55 و78 في المائة عند المصابين بالتوحد وغيرهم من الأمراض. وبين أن طريقة العلاج بالألوان تعتمد على اختيار اللون المناسب للمريض وإحاطة الجسم به مكانياً وارتداء ملابس وتغير حتى إضاءة الغرفة وهو يختلف من مصاب إلى آخر، مؤكدا أنه لاحظ خلال علاج بعض التوحديين أن هناك حالات تنام بشكل هادئ على اللون الأزرق وأخرى على الأخضر عبر تسليط الإضاءة عليهم طوال الليل. وشدد على أن للألوان تأثيرا سيكولوجيا ومباشرا وآخر غير مباشر على الإنسان، مشيرا إلى أن جسم الإنسان يعرف بفطرته أهمية الألوان لذلك عندما تصيبه الكآبة نراه يرتاح عندما ينظر للسماء والبحر أو للخضرة والأشجار. وأضاف أن التجارب الحديثة أثبتت على سبيل المثال قدرة الضوء الأزرق على إعادة نضارة الشباب إلى البشرة، ووجد أنه يزيل التجاعيد والخطوط الخفيفة والبقع البنية الداكنة من الوجه، إذ إن الضوء الأزرق يتفاعل مع محلول خاص يوضع على الوجه، وخلال 16 دقيقة تحته وبعد أسبوع واحد من النقاهة يتم الحصول على الهدف المطلوب. وأردف "بعض الأطباء طوروا حديثا بحوثاً لعلاج الحروق بالألوان، وذلك بوضع المنطقة المصابة تحت إضاءة لونها الأخضر، وكانت النتيجة لدى كثير من المرضى أن الألم قد خف بصورة أسرع، كما استخدم الأطباء ألوانا أخرى لعلاج الربو وآلام الجهاز الهضمي والجهاز التنفسي والمغص والقرحة وغيرها". وأشار إلى أنه ثبت علمياً أن وضع الأشخاص الذين يميلون إلى العنف في غرفة مطلية باللون الوردي الفاتح لفترة قصيرة يجعلهم أكثر هدوءاً واسترخاء، والسبب هو التأثير الفسيولوجي الذي تحدثه الطاقة الكهرومغناطيسية لهذا اللون في إفراز الغدد التي تؤثر مباشرة في الانفعالات العاطفية المختلفة. وقال الرشيد إن طلاء حجرات الدراسة باللون الأزرق الفاتح مع وضع مصابيح إضاءة عادية يجعل التلاميذ أكثر انتباها ويقلل سلوكهم العدواني، أما طلاء الجدران باللون البرتقالي مع الإضاءة المختلفة فإنه يحدث أثراً عكسياً لسلوك التلاميذ، مشيرا إلى أن اللون الأصفر يمكن استخدامه لعلاج الأمراض المتعلقة بالتوتر ما يؤكد صحة النتائج التي توصلنا إليها لدور الألوان في علاج التوحديين.