مجدي بن حبيب-تونس توصف عادة بأنها رياضة الحديد أو لعبة استعراض القوة لفرط ما تتطلبه من طاقة جسمانية عالية، إنها رياضة كمال الأجسام التي استهوت كثيرا من الشباب في تونس وأسرت هواة صقل عضلات الجسم وامتلاك لياقة جسمانية عالية. وتطورت رياضة كمال الأجسام من مجرد نشاط بدني للتباهي بامتلاك قوام مفتول العضلات إلى رياضة قائمة بذاتها ولعبة يتفنن المولعون بها في استعراض فني ورياضي للياقتهم وعضلاتهم أمام الآلاف من الجماهير في المسابقات الرسمية وغير الرسمية. صعوبات تنظيمية يعود ظهور كمال الأجسام بتونس إلى السبعينيات من القرن الماضي، لكنها كانت تخضع لإشراف اتحاد رفع الأثقال قبل أن تتحول عام 2005 إلى رياضة مستقلة بذاتها يسيرها هيكل اتحادي وتقام لها بطولة محلية، حسب المنسق الفني بالاتحاد محمد الشطي. ومنذ تأسيس اتحاد للعبة في 2005، تزايد الإقبال على ممارسة كمال الأجسام ليصل إلى أكثر من ألف لاعب في أواخر 2015، غير أن عدد المجازين لا يتعدى مئتي لاعب، في حين تنشط البقية بشكل عشوائي لا يتعدى الظهور في بعض العروض غير الخاضعة لإشراف اتحاد اللعبة. وتشكو رياضة كمال الأجسام بتونس من هشاشة الأسس التنظيمية وكثرة الناشطين بشكل عشوائي بسبب غياب أطر منظمة للأندية التي تبلغ ما يزيد عن 200 ناد منها 34 فقط منخرطة بالاتحاد. لكن ظاهرة تعاطي المنشطات تظل التحدي الأكبر الذي يؤرق القائمين على هذه الرياضة، وفي هذا الصدد يقول الشطي إن اتحاد اللعبة يسعى لتوحيد جهوده مع الوكالة التونسية لمكافحة المنشطات من أجل توعية ممارسي هذه الرياضة بخطورة تعاطي مواد كيميائية ومكملات غذائية ومضاعفاتها القاتلة على صحتهم. من جهة أخرى اعتبر مدرب منتخب تونس منير ضيف الله أن هذه اللعبة كغيرها من الرياضات الفردية لا تزال ترزح تحت وطأة التهميش وغياب الدعم المادي من قبل السلطات، مما جعلها تعيش خارج دائرة الأضواء وبعيدا عن دائرة الإشعاع العالمي. وقال ضيف الله للجزيرة نت رغم أنها تملك امتيازا خاصا هو الجمع بين النشاط البدني وجمالية العروض وطابعها الفني الممتع، تعيش اللعبة صعوبات مادية كبيرة ولولا دور الجامعة ومساهمة بعض رؤساء الأندية وأصحاب القاعات الرياضية لاندثرت هذه الرياضة. ونفى في المقابل الشبهات التي تلاحق اللعبة بأنها رياضة الموت البطيء، مشيرا إلى أن حالات السقوط في بؤرة الإدمان تبقى معزولة وحكرا على عدد محدود من اللاعبين. وكانت وكالة مكافحة تعاطي المنشطات بتونس قررت في وقت سابق إيقاف سبعة رياضيين في كمال الأجسام عن النشاط لمدة عامين بعد ثبوت تعاطيهم مواد محظورة في منافسات البطولة المحلية. ويستعد منتخب تونس للمشاركة في البطولة العربية لكمال الأجسام المقررة في مايو/أيار المقبل. امتيازات وأضرار من جهته يقول زهير كرمندي، أحد أبطال تونس، إن المصاعب المادية هي العائق الأكبر الذي يحول دون تطوير اللعبة التي تحتاج إلى التحفيز المادي لتنافس سائر الألعاب الأخرى في شعبيتها وإشعاعها الخارجي، مشيرا إلى أن الأعباء كلها ملقاة على كاهل الرياضيين وارتفاع تكاليف التمارين والمكملات الغذائية دفع الكثير من الأبطال إلى الانقطاع المبكر عن النشاط. واعترف اللاعب بأن الإفراط في استهلاك المواد الكيميائية يؤدي إلى تدمير الجسد بعد سنوات، فهناك رياضيون يستعيضون عن الغذاء بالعقاقير المحظورة ويبالغون في ذلك مما ينجر عنه مضاعفات خطيرة تتطلب مزيدا من التأطير خصوصا للرياضيين الشبان. بدوره قال شاكر الغربي إن العديد من رياضيي كمال الأجسام بتونس قادرون على التألق عربيا وعالميا لو أنهم وجدوا العناية والدعم المادي، ولكن في ظل سياسة اللامبالاة التي ينتهجها اتحاد اللعبة ستتواصل الصعوبات التي تتهدد وجود هذه الرياضة. وأحرز زهير كرمندي بطولة تونس لعام 2015 لوزن 85 كيلوغراما، في حين توج شاكر الغربي باللقب ذاته لوزن 80 كيلوغراما.