بددت العقود الآجلة للنفط الخام مكاسبها المبكرة في ظل ضعف العوامل الأساسية الذي أثر سلبا على السوق في نهاية أسبوع متقلب شهد تذبذب الأسعار أكثر من عشرة في المئة خلال يوم واحد.وجرى تداول سعر خام القياس العالمي مزيج برنت عند 34.53 دولارا للبرميل بحلول الساعة 08:05 بتوقيت غرينتش امس. ونزل خام غرب تكساس الوسيط 25 سنتا إلى 31.47 دولارا للبرميل. وقال متعاملون إن السيولة كانت منخفضة في التعاملات الآسيوية بسبب عطلة السنة القمرية الجديدة التي تستمر معظم الأسبوع المقبل. وشهدت أسعار النفط تقلبا حادا منذ بداية العام، ولاسيما هذا الأسبوع بعد أن تصادمت سلسلة من المؤشرات المتفائلة مثل هبوط الدولار واحتمال إجراء محادثات لخفض الإنتاج مع تقارير تبعث على التشاؤم عن وصول مخزونات الخام الأميركية الى مستوى قياسي وارتفاع الإنتاج وتباطؤ الاقتصاد العالمي. وقفزت مخزونات الخام الأميركية 7.8 ملايين برميل في الأسبوع المنتهي في 29 يناير إلى 502.7 مليون برميل وزادت مخزونات البنزين إلى مستوى قياسي إذ ارتفعت 5.9 ملايين برميل إلى 254.4 مليون برميل. شركات تتقهقر وتواجه كبرى شركات النفط العالمية ازمة تشتد فصلا بعد فصل مع تدهور اسعار النفط الخام ودون بوادر تحسن في المدى القريب، لذلك تجد نفسها مضطرة الى اتخاذ اجراءات تقشفية، بحسب الخبراء.ويختصر الخبير الاقتصادي كريستوفر ديمبك من مصرف «ساكسو بنك» الوضع قائلا: اشك بحصول تحسن في عام 2016. وسجلت الشركة الاميركية «شيفرون» في اواخر يناير الخسارة الفصلية الاولى لها منذ 13 عاما في الاشهر الثلاثة الاخيرة للعام 2015، اذ طغى تدهور اسعار النفط على الارباح التي سجلتها في ذلك العام. والشركات الاخرى ليست افضل حالا. فقد تراجعت ارباح العملاق الاميركي «اكسون موبيل» الى النصف العام الماضي، وتدهور صافي ارباح مجموعة «شل» الهولندية البريطانية سبع مرات، بينما باتت مجموعتا «بريتش بتروليوم» البريطانية و «ستات اويل» النروجية في الاحمر. ولن تكون «توتال» الفرنسية، التي تعلن نتائجها السنوية في 11 فبراير، في منأى عن هذه الازمة. فقد المح رئيس مجلس ادارتها باتريك بويانيه الى تراجع بنسبة %20. وعلق ديمبك بالقول: «الشركة لا يمكن ان تكون منفصلة عن الشركات الاخرى». وتراجع سعر برميل النفط %47 في عام 2015 مقارنة بالعام السابق، ليبلغ معدل سعره 52 دولارا، وباكثر من %70 منذ يونيو 2014 نتيجة فائض في العرض بسبب الخلاف حول الحصص بين نفط دول اوبك وفي مقدمتها السعودية وبين النفط الصخري من الولايات المتحدة. كما تراجع سعر برميل النفط الى ما دون عتبة 30 دولارا للبرميل في يناير قبل ان يسجل تحسنا طفيفا. وتابع ديمبك: السعودية ليس لديها دوافع لاعادة النظر في استراتيجيتها، لذلك نحن ازاء سياسة سعر منخفض للنفط. لا اعتقد اننا بلغنا السعر الادنى، ولو انه سيستقر حول 30 دولارا للبرميل. وللصمود، تلجأ كبرى شركات النفط الى الحد من النفقات من خلال تقليل الاستثمارات وزيادة تسريح الموظفين التي باتت تطول عشرات الاف الاشخاص. ويقول معهد اينرجي نوفيل الفرنسي للابحاث ان الاستثمارات في مجالات التنقيب عن النفط انهارت بــ %21.1 لتبلغ 539 مليار دولار في عام 2015، ومن المتوقع ان تظل تشهد تراجعا بــ %10 في العام الجاري. صعوبات على صعيد الخدمات ويرى المراقبون ان اجراءات التقشف ضرورية، خصوصا ان الامل الضئيل الذي تولده عمليات تكرير النفط المستفيدة من تراجع اسعار البرميل للتعوض عن خسائر مجالات التنقيب والانتاج، يمكن ان يتبدد بسبب مشكلة فائض في قدرة الانتاج. واوضح ديمبك «هذا العامل ساعد في عام 2015، ويمكن ان يساعد في 2016، لكن تكرير النفط عامل آني اساسا، ولن يكون كافيا للحد من الاثار على النتائج». ولا تزال امام كبرى شركات النفط هوامش للمناورة تتيح لها الحد من التكاليف، بحسب المحلل الكسندر آندلاور من «الفا فاليو» الذي اعتبر ان «هناك احتمالا بالتراجع لان هذه الشركات لديها فائض كبير». واعطى مثالا شركة شل، حيث يبلغ معدل رواتب الموظفين الــ94 الفا، 214 الف دولار في عام 2014. ولم تقرر اي من هذه المجموعات، باستثناء «ايني» الايطالية، بعد اجراء اقتطاعات في العائدات، ولو ان بعضها، مثل «توتال»، لا تستبعد توزيع اسهم بدل الارباح للحد من المبالغ التي يتوجب عليها دفعها. واعتبر آندلاور ان ذلك «مثير للقلق على الصعيد الصناعي»، لان تراجع الاستثمارات يؤثر على العائدات المستقبلية، اذ يحد من امكانات الانتاج. اما بالنسبة الى قطاع الخدمات النفطية، فيبدو المستقبل قاتما لشركات مثل «سي جي جي» و«تيكنيب» و«بوربون» و«فالوريك» الفرنسية. وتتعرض هذه الشركات لضغوط من اجل خفض اسعارها من شركات النفط التي تشتري خدمات وتجهيزات منها. واضاف آندلاور: الضغوط اقوى في هذا القطاع الذي لم تنته معاناته بعد.وبحسب «اينرجي نوفيل»، انهار نشاط القطاع الجيوفزيائي بــ%28 العام الماضي وقطاع التنقيب بــ%27. ومن المتوقع ان يستمر هذا الميل هذا العام مع تراجع بـ%10 و%6 تباعا. تسريح عمالة وأعلنت شركة شل الانكليزية الهولندية العملاقة عن عزمها تسريح عشرة الاف موظف عبر عملياتها في العالم نظرا للانخفاض الكبير في ارباحها. ونقلت وسائل اعلام هوندية عن الشركة القول ان ارباحها خلال عام 2015 بلغت 10.7 مليارات دولار مقارنة بــ 22.6 مليار دولار عام 2014. واضاف الرئيس التنفيذي للشركة بن فان بوردن ان شل تجري تغييرات كبيرة ورئيسية تعيد خلالها تنظيم الانتاج للتعامل مع انخفاض اسعار النفط عبر العالم. واشار الى ان هذه التغييرات تتضمن تسريح حوالي عشرة الاف موظف ومقاول متعاقد خلال السنة المالية 2015 2016. النفط الصخري بعد انهيار أسعار النفط على مدار الـ18 شهرا الماضية، وصمود فاجأ الأسواق أظهره قطاع النفط الصخري الأميركي، أعلنت ثلاث شركات من كبرى اللاعبين في إنتاج النفط الصخري بالولايات المتحدة أخيراً عن تخفيضات حادة في إنفاقها الرأسمالي، كرد فعل على انهيار أسعار النفط. وأشار تقرير ضمن برنامج «مستقبل الطاقة» إلى أن اثنتين من شركات النفط الصخري الأميركية تراجع إنتاجهما من النفط والغاز في تجلٍ واضح لتقلص التمويل المتاح لهذا القطاع في الولايات المتحدة، وأثره على إنتاج البلاد من النفط الخام. فقد أعلنت شركة Continental عن أنها ستقوم بخفض إنفاقها الرأسمالي هذا العام لتتراجع ميزانية الإنفاق إلى 920 مليون دولار، وهو ما يمثل تراجعا بـ%66 عما تم إنفاقه العام الماضي، وذلك بعد أن كانت الشركة قد خفضت أيضا ميزانيتها العام الماضي بنسبة %46 عن العام الأسبق. أما شركة hess فقد قلصت ميزانية هذا العام بنسبة %40 بعد أن كانت قد خفضت ميزانية العام الماضي بواقع %29، في حين قامت شركة noble energy بخفض إنفاقها لهذا العام بـ%50.أما على صعيد الإنتاج المتوقع لهذا العام، فقد توقعت Continental تراجع إنتاجها إلى 200 ألف برميل مكافئ يومياً، وهو ما يشكل تراجعا تتراوح نسبته عن العام الماضي بين 5 و%9. يذكر أن التراجع المتوقع في إنتاج continental لهذا العام يأتي بعد قفزة في إنتاج السنة الماضية بنسبة %25. في المقابل توقعت شركة Hess أن ينخفض إنتاج العام الجاري إلى 340 ألف برميل مكافئ يومياً، متراجعاً عن معدل إنتاجها للأشهر التسعة الأولى من العام الماضي بنسبة تتراوح بين 7 و%12، حيث كان معدل إنتاج hess في تلك الفترة من العام الماضي قد نما بنسبة %19 عن معدل نفس الفترة من العام 2014. لكن من جهتها، توقعت noble energy أن يكون إنتاجها لهذا العام «متسقا» مع إنتاجها في العام الماضي، والذي بلغ 390 ألف برميل مكافئ يوميا. وهذه الأرقام من شأنها أن تزيد من صعوبة أو على الأقل من كلفة ديون تلك الشركات، حيث بلغ صافي ديون «Continental» 7.1 مليار دولار، في حين صافي دين hess يبلغ كما في نهاية الربع الثالث من العام الماضي نحو 3 مليارات دولار. وأخيرا ديون noble تبلغ تقريبا 7 مليارات دولار. هذه الأوضاع المتغيرة التي يعيشها قطاع النفط الصخري الأميركي من شأنها أن تضغط بشكل ملحوظ على إجمالي إنتاج الولايات المتحدة هذا العام، وذلك بعد أن استطاعت تلك الشركات الصمود خلال العام الماضي، في وجه انهيار الأسعار مستعينة بانخفاض التكاليف والتسريحات ورفع كفاءة التشغيل. لكن التوقعات الامس تشير إلى استمرار تراجع إنتاج الولايات المتحدة منذ القمة في أبريل من العام الماضي بنحو 1.2 مليون برميل يوميا، مع نهاية العام الجاري، أي ما يشكل تراجعا متوقعا بنحو %12. رابط الخبر بصحيفة الوئام: شركات النفط تسرِّح عشرات آلاف العمال والموظفين