تعتبر المشاريع الصغيرة من عصب الاقتصاد في بلدان العالم، ووفق خبراء الاقتصاد فإن أي دولة تحرص على نمو اقتصادها وازدهاره، تتجه إلى دعم هذه المشاريع، وتحفز الشباب على المبادرة الى تأسيسها وخوض التجارب فيها. وفي الأعوام الثلاثة الأخيرة، اتجه شبان سعوديون إلى إقامة مطاعم متنقلة، في مناطق عدة في السعودية، وتعتبر - على رغم قلة انتشارها على نطاق واسع في الوطن العربي - من المشاريع الصغيرة المربحة التي لا تحتاج إلى تكاليف كبيرة في مرحلة تأسيسها، وهو ما يجعلها مناسبة لمن ليس لديه رأسمال، إذ باستطاعته الاقتراض، أو تقسيط مبلغ لشراء «الكرفان» أو الباص المتنقل، وبعض الأدوات اللازمة للاستخدام والطهو. وتتميز هذه المهنة عن غيرها من المشاريع الصغيرة الأخرى، بسهولة التنقل من مكان إلى آخر، تبعاً لأمكنة الزبائن، فأينما كانوا تحضر سيارة المطعم المتنقل، سواء في المناطق الترفيهية، أم في الأماكن السياحية والتجمعات، وقرب الشواطئ، والمتنزهات ومراكز التسوق، إلى جانب وجودها في بعض المناسبات، والمهرجانات العامة؛ طمعاً في استقطاب أكبر شريحة من الزبائن. محمد العويس شاب كسر ثقافة العيب، وحقق نجاحاً في هذا المجال، بتحويل سيارته التي تعطلت عن العمل، إلى «بوفيه» صغير يبيع من خلاله البليلة والبطاطس، وبعض المأكولات الخفيفة، متجولاً بها في مدينة الرياض لتصبح مصدر رزق له، ولأهل بيته. ومثله كثيرون، فمنهم من تخصص في صنع «البيتزا» و«البرغر»، وآخرون يعدون القهوة الساخنة ووجبات الشتاء التي تشعر متناولها بالدفء، في متنزهات «الثمامة» (وهي منطقة سياحية لأهل الرياض). أما أبو تركي فيقوم بإعداد وجبات غداء جاهزة في البيت بأصناف متنوعة تحفظ في أوانٍ عازلة للحرارة، لبيعها للمارة في وقت الظهيرة. ويقول أبو تركي: «لم أكمل تعليمي، وليس لدي دخل مادي، ولا رأسمال، وهو ما دفعني إلى أن أحضر وجبات الغداء بمساعدة والدتي وأخواتي، ثم أعرضها على سائقي المركبات أثناء مرورهم في الطريق». ويتراوح سعر الطبق الواحد بين10 و 20 ريالاً، كاشفاً أن أرباحه تتراوح بين 3000 و 4000 ريال شهرياً. وكشفت مؤسسة «جسر الريادة»، وهي إحدى المؤسسات السعودية التي تستورد قاطرات المطاعم المتنقلة من الصين، أن الطلب على «الكرفان» يقدر بنحو 200 مقطورة في العام الواحد، تشمل عملاء سعوديين، وأفراداً من الخليج العربي، وبعض الدول العربية، فيما بلغت نسبة السعوديين 70 في المئة من إجمالي عدد المستفيدين. وقدر عضو جمعية الاقتصاد السعودي عبدالله المغلوث عدد «الكرفانات» أو المطاعم المتنقلة في السعودية بنحو 500 قاطرة، تكثر في مواسم الإجازات، والأعياد والمناسبات العامة، مؤكداً أن فكرة مشاريع المطاعم المتنقلة ناجحة، وهي منتشرة في كثير من بلدان العالم. واعتبر المغلوث انها ظاهرة صحية، وفرصة لتوظيف الشباب السعودي وحصوله على عمل، ومورد شرعي له، حتى ولو كان موقتاً. وأضاف في اتصال مع « الحياة» أن هذه المطاعم في حاجة إلى تنظيم، وآلية ومرجعية رسمية، ومراقبة شروطها الصحية حتى لا تكون عشوائية ولا تسيء إلى المشهد السياحي للبلد. وقال: «تتطلب قبل إقامتها إجراء دراسة عن مدى ملاءمتها مع حجم السوق، وحجم مشاهد الوطن بطريقة مقننة، وتراخيص تؤطر مزاولة تلك المهنة، وتحافظ على سلامة صاحب المشروع وسلامة عملائه». ونقل المغلوث عن رجل الأعمال الشهير والاس جونسون الذي أسس فنادق «هوليدي إن» بعدما طرد من عمله وقد تجاوز الأربعين قوله: «لا تظن بأن أي فشل يمر بحياتك هو نهاية لك».