قنبلة جديدة سقطت على المستثمرين يوم الجمعة الماضي، باعتماد بنك اليابان استراتيجية معدل فائدة سلبي في وجه تراجع الاقتصاد والتباطؤ العالمي. وسيتم إضافة عقوبات على البنوك التي تحتفظ باحتياطيات إلى برنامج شراء الأصول المعمول به حالياً. وقد وضع محافظ بنك اليابان، هاروهيكو كورودا، سعر فائدة سلبياً نسبته 0.1% وجاء هذا القرار بعد أن سجل التضخم يوم الجمعة 0.3- % مقارنة بسنة مضت، حيث كان من المتوقع أن يسجل التضخم صفراً. وتراجع أيضا الإنتاج الصناعي وإنفاق قطاع العائلات، الأمر الذي حفز بنك اليابان للتدخل. وقال كورودا في الأسبوع الماضي إنه لا توجد إشارات إلى أن التباطؤ الاقتصادي العالمي قد أضر بمخططات الشركات اليابانية؛ ولكن هذا التحرك يثبت بوضوح أن واضعي السياسات قد تحركوا في محاولة لتفادي دخول اليابان في تباطؤ كبير. اعتمد بنك اليابان الاستراتيجية نفسها التي اعتمدها البنك المركزي الأوروبي في محاولة لمعالجة التضخم، وكانت ردة فعل الين أن تدهور فورا بعد هذا الإعلان. ويبدأ تنفيذ سياسة أسعار الفائدة السلبية يوم 16 فبراير/شباط وسيتم العمل بها مثل البرامج المتبعة في أوروبا. وإضافة لهذا التحرك، أخر بنك اليابان تاريخه المستهدف لبلوغ التضخم المستهدف البالغة نسبته 2 % بمقدار ستة أشهر، مستهدفا النصف الأول من السنة المالية 2017، فيما يخفض أيضا من توقعاته للسنة الحالية. وهبط الين بداية بأكثر من 2%، ثم ارتفع وأنهى يوم الجمعة الماضي الشديد التقلب عند 121.14 مقابل الدولار. وتفاعلت أسواق الأسهم اليابانية أيضاً بشكل عنيف مع هذا التحرك، إذ ارتفع مؤشر نيكي بأكثر من 3+ % بداية، ليتراجع بعدها إلى خسارة بنسبة 1-%، ثم يرتفع مجددا لينهي الأسبوع عند ارتفاع نسبته 2.8%. تخفيض قيمة العملة من الواضح أن الإجراءات المتخذة من بنك اليابان تهدف إلى تخفيض قيمة العملة. وستشجع أسعار الفائدة السلبية المستثمرين على اختيار الين كعملة تمويل، مثل اليورو. ودخل بنك اليابان مجددا، بإجراءاته الأخيرة هذه، حرب عملات على خلفية محاولة الصين تخفيض قيمة الرنمينبي من خلال الخفض المستمر لتضخم سعر السلع. وسينتج لاحقا عن تحرك بنك اليابان المزيد من حروب العملات واستمرار التباطؤ في التجارة العالمية والنمو العالمي. ونبقى الآن في وضع من اثنين، إما أن تهدأ المخاوف الصينية مع استقرار النفط عند المستويات التي شهدناها في أغسطس/آب - سبتمبر/أيلول 2015، أو تستمر الصين في تخفيض قيمة عملتها، ويتباطأ النمو الأمريكي، ويعود جو التقلبات الذي شهدناه في بداية السنة. ومن ناحية السلع، تصدر النفط مرة أخرى الأنباء هذا الأسبوع، إذ أشارت العناوين، التي تبين فيما بعد أنها شائعات، إلى أن روسيا وأوبك كانتا تتطلعان للقيام بمحادثات لمناقشة خفض الإنتاج. وبلغ النفط أعلى مستوى له عند 35.84 دولار عقب هذه الأنباء قبل أن يستقر وينهي الأسبوع عند 33.50دولار. وسجل برنت 35.99 دولار ولكنه أنهى الأسبوع عند 35.80دولار. بيانات أمريكية قاتمة أثارت أعداد طلبات السلع المعمرة والرأسمالية الأمريكية الضعيفة جدا هذا الأسبوع احتمالات المزيد من التراجع لمستويات النشاط في الربع الأول من 2016. فقد سجلت طلبات السلع الكلية 5.1- % في ديسمبر/كانون الأول، أي أقل بكثير من التوقعات البالغة 0.7 %. وكانت البيانات، باستثناء المواصلات، ضعيفة جداً أيضاً، إذ سجلت 1.2- % مقابل توقعات بلغت 0.1- %. وتراجعت طلبات السلع الرأسمالية الأساس بنسبة 4.3- % مقابل توقعات بلغت 0.2-%، وهو التراجع الشهري الأكبر منذ أكتوبر/تشرين الأول 2014. وأظهرت البيانات زخماً كبيراً في التراجع في الطلب المحلي الخاص. وإضافة لذلك، فإن الضعف المستمر في أسعار النفط قد وضع الكثير من الضغط على نشاط الشركات في أمريكا، ما يعني تراجعاً كبيراً في الإنفاق الرأسمالي في 2016. وجاءت البيانات الضعيفة الأخرى من مؤشر النشاط التصنيعي لمجلس احتياطي دالاس لشهر يناير/كانون الثاني الذي سجل 34.6-، وهو أدنى مستوى له منذ أبريل/نيسان 2009، مقابل توقعات بلغت 14.0-. وقال أحد المستطلعين إننا نتوقع أن يؤثر استمرار الكساد في صناعة النفط والغاز سلبا على قاعدة عملائنا وينتج عنه تراجع كبير في الطلب. ومن ناحية التوظيف، انخفضت طلبات البطالة الأولية بمقدار 16 ألفا الأسبوع الماضي لتصل إلى 278 ألفاً، أي أفضل بقليل من التوقع البالغ 281 ألفاً. وإضافة لذلك، كانت آخر بيانات سوق الإسكان أقل دعما، إذ ارتفعت مبيعات المساكن القائمة بنسبة 0.1+ % فقط مقابل توقعات بارتفاع بنسبة 0.9 % الشهر الماضي. وكانت البيانات الإيجابية الوحيدة الصادرة هي من مؤشر النشاط التصنيعي لمجلس احتياطي مدينة كانساس الذي بقي على حاله عند 9- مقابل توقعات بلغت 10-. وقررت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوح أن تبقي أسعار الفائدة على حالها، ولكنها أشارت إلى أنها تراقب عن كثب التطورات الاقتصادية العالمية ولم تكن جاهزة للتخلي عن سياساتها التقييدية لهذه السنة. ولم يكن هذا القرار مفاجئا نظرا للتراجع في الأسهم العالمية منذ الاجتماع الأخير. وأنحت اللجنة باللائمة على التباطؤ الأخير في ضعف أسعار صافي التصدير وتراجع الاستثمار في المخزونات، فيما بقيت تقر بالتحسن في سوق العمل الأمريكي وفي إنفاق العائلات. ألمانيا تنمو رغم التراجع تراجعت مبيعات التجزئة الألمانية بشكل غير متوقع من نوفمبر/تشرين الثاني إلى ديسمبر/كانون الأول، ولكن النمو لكامل السنة كان الأقوى منذ أكثر من 20 سنة. فقد تراجعت مبيعات التجزئة بنسبة 0.2 % عن الشهر السابق، بعد أن ارتفعت بنسبة 0.4 % في نوفمبر. وكانت التوقعات لديسمبر ارتفاعا بنسبة 0.2%. ولكن مبيعات التجزئة بقيمتها الحقيقية كانت أعلى بنسبة 1.5% في السنة المنتهية في ديسمبر. ومن جهة أخرى، كان التضخم الألماني متماشيا مع التوقعات. فقد ارتفع مؤشر سعر المستهلك من 0.2 % في ديسمبر إلى 0.4 % على مدى السنة. ويعكس هذا الارتفاع واقع أن الأسعار انخفضت بنسبة 1.5% في يناير 2015، وهو التراجع الشهري المسجل الأكبر. ولم يصل التراجع في يناير 2016 والبالغ 0.9 % إلى ما وصل إليه الشهر السابق، فرفع القراءة للسنة مقارنة بالسنة السابقة. المركزي الألماني ضد مواصلة التحفيز حذر عضو المجلس الحاكم للبنك المركزي الأوروبي، جينز وايدمان، البنك من ألا يتمادى في برنامجه لشراء الأصول، إذ سيكون لهذا التمادي التأثير نفسه مثل شراء سندات حكومية مباشرة من الدول المصدرة، قائلاً إنه: إذا أصبح حجم الشراء كبيراً جداً، سيكون له تأثير على السوق الثانوي مثل تأثير الشراء المباشر من الدول الممنوعة علينا. ومن ناحية أخرى، بقي البنك المركزي الألماني متفائلاً نوعاً ما بالنسبة لمستقبل الاقتصاد الألماني. فقد اعتبر البنك أن استمرار انخفاض أسعار النفط سيعزز الاقتصاد، إذ أنه سيرفع الاستثمار. وقال البنك في تقريره الشهري إنه إذا بقيت أسعار النفط منخفضة، فإنها ستعزز الاستهلاك. ومن الناحية السلبية، تدهورت الثقة في قطاع الأعمال الألماني في بداية السنة، مع زيادة تفاؤل المصنعين وشركات الإنشاءات حيال مستقبل أعمالهم. وتراجع مؤشر IFO لمناخ قطاع الأعمال من 108.6 في ديسمبر بعد المراجعة إلى 107.3 في يناير، مقابل توقعات بلغت 108.4، وهو المستوى الأدنى له منذ فبراير 2015. بنك إنجلترا ضد رفع أسعار الفائدة حافظت عضو لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا، كريستين فوربس، على رأيها هذا الأسبوع بأن بريطانيا قد استنفذت تقريبا كل فترة الركود في سوق العمل، إذ قالت بأن دورة التقييد في بريطانيا يجب أن تبدأ متى ما بدأ نمو الأجور وتكاليف وحدة العمل بالارتفاع إلى مستوى تكون فيه قوتهما كافية للتعويض عن النفط الرخيص، ومتماشية مع عودة تضخم مؤشر سعر المستهلك إلى نسبته المستهدفة البالغة 2 % في المدى المتوسط. وقالت فوربس إنه رغم أن سوق العمل كان يضيق بحدة في السنوات الأخيرة، استمرت الأجور دون متوسط ما قبل الأزمة. وبما أنه يبدو الآن أنه لا يوجد خطر ارتفاع مفاجئ كبير في التضخم أعلى بكثير من النسبة المستهدفة البالغة 2%، فإنها لا ترى أن هناك ما يستدعي رفع أسعار الفائدة قريباً.