عقدت يوم الأربعاء، الموافق 13 يناير 2016، بمقر الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، ندوة بعنوان: «علاقات مجلس التعاون لدول الخليج العربية والاتحاد الأوروبي»، بحضور سعادة السفير لويجي ناربوني، سفير الاتحاد الأوروبي السابق لدى دول مجلس التعاون، وسعادة الدكتور عبدالعزيز العويشق الأمين العام المساعد للشؤون السياسية والمفاوضات. تحدث السفير ناربوني حول رؤيته لمستقبل العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون، والتحديات التي تواجه الشراكة الأوروبية مع مجلس التعاون، والفرص المتاحة أمامها، وذلك في سياق إجابته على تساؤل رئيسي: هل العلاقات الأوروبية - الخليجية علاقات إستراتيجية؟ جادل السفير ناربوني أنه بالرغم من مضي ما يفوق العشرين عاما على توقيع اتفاقية التعاون في العام 1988م بالإضافة إلى تتابع جولات المباحثات والاجتماعات، إلا أن العلاقات لم ترتق إلى مستوى العلاقة الإستراتيجية واقتصرت -في الأغلب- على الجانب الاقتصادي والتجاري، وذلك -بحسب رأي السفير- يعود إلى عدة أمور.. الأمر الأول: عدم دمج اقتصاديات دول المجلس. فالتكامل الاقتصادي لم يصل إلى المستوى المطلوب، إما في الوصول إلى الاتحاد الجمركي أو تطبيق السوق المشتركة أو حتى التحضير لإطلاق عملة موحدة. وهذه الأمور يرى فيها الاتحاد الأوروبي ضرورة وشرطا مسبقا لتعزيز التعاون والتنسيق. الأمر الثاني: اختلاف أولوية السياسة الخارجية لكلتا المجموعتين. ففي حين تعطي دول المجلس الأولوية في المرحلة الحالية للأمن والاستقرار، خاصة بعد ما يسمى بـ «ثورات الربيع العربي»، وزيادة موجات الإرهاب، وعدم استقرار الأمن في دول الجوار. فإنه بالمقابل يركز الاتحاد الأوروبي على الجانب الاقتصادي وخاصة بعد الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية التي كانت لها تداعيات كبيرة على منطقة اليورو. وبالتالي، كان من الصعب -كما يرى السفير ناربوني- تشكيل علاقة شراكة إستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون. ومع ذلك يعتقد السفير أنه من الممكن إيجاد أرضية مشتركة؛ لبناء علاقة أكثر موضوعية مع دول المجلس، تصل إلى الشراكة الإستراتيجية من خلال التعاون في مكافحة الإرهاب، وانتشار أسلحة الدمار الشامل، والحفاظ على الشرق الأوسط خاليًا من الأسلحة النووية، ولا سيما احتواء طموحات إيران النووية، وتأمين تدفق الطاقة بسعر معقول. أما المحور الثاني.. فقد تحدث الدكتور العويشق عن المعوقات لتطوير العلاقات بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي من وجهة نظر خليجية. وركزت ورقته على ثلاث نقاط أساسية.. الأولى: إقحام نقاط وقضايا سياسية في المفاوضات. فبعد مفاوضات طويلة وشاقة ومضنية في مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة، اتفق الطرفان على أكثر من 95% من القضايا، بدأ الاتحاد الاوروبي بإدخال شروط (سياسية) غير نهائية في المفاوضات، والتي ليس لها أي مجال بالتعاون الاقتصادي ولا بالحوار مثل: حقوق الإنسان، الهجرة غير القانونية، محاربة الإرهاب وأسلحة الدمار، واشترط ادراج نص في مشروع الاتفاقية يعطي الحق لأي من الطرفين بتعليق العمل بالجانب التجاري والاقتصادي من الاتفاقية؛ إذا رأى أن الطرف الآخر فشل في الوفاء بالالتزامات المتفق عليها فيما يخص الجوانب السياسية، مما أدى إلى تأخر إبرام اتفاقية التجارة الحرة بين الجانبين. الثانية: إقحام نقاط اقتصادية لا تتماشى مع مصالح دول المجلس. فالاتحاد الأوروبي يصر دائما على ادخال نقاط مثل المطالبة بالحصول على حصة في الواردات والمشتريات الحكومية، وهو ما ترفضه دول الخليج؛ لأن ذلك يأتي على حساب مصالح الشركات الوطنية الخليجية. أيضا يصر الاتحاد الاوروبي بمنح الشركات الأوروبية حق التملك الكامل بنسبة 100 في المائة في دول الخليج وغيرها من النقاط التي تتضارب مع المصالح الاقتصادية لدول المجلس. الثالثة: اختلاف أو ضعف موقف الاتحاد الأوروبي تجاه القضايا الإقليمية. فدول الخليج ترى أن الاتحاد الأوروبي غير متفهم للتحديات الإقليمية التي تؤثر على أمنه واستقراره؛ مما يؤدي الى اختلاف المواقف بينهم. بل ان ضعف الحوار السياسي بين المجموعتين أدى -لأول مرة- إلى إلغاء الاجتماع السنوي المشترك الذي كان مقرراً عقده في يونيو 2014م في لوكسمبورغ، بعد أن استاءت دول المجلس من الانتقادات الأوروبية ضد البحرين أثناء الدورة السادسة والعشرين لمجلس حقوق الإنسان بجنيف في 10 يونيو 2014. وخلصت الورقة على التأكيد على أهمية هذه العلاقة القائمة بين الاتحاد الاوروبي ومجلس التعاون، وضرورة تعزيزها وتجاوز المعوقات التي تعترضها، والنظر إلى الاعتبارات التاريخية التي تربطهم والمصالح الاقتصادية التي تجمعهم، ودراسة سبل تطوير الحوار السياسي بين المجموعتين؛ بهدف تقليل فجوة الخلاف بينهم. فهناك كثير من القضايا التي يمكن أن تشكل أساساً متيناً يمكن للعلاقة بين المجموعتين أن ترتكز عليها في جانبها السياسي والأمني.