تعتبر الدكتورة الإماراتية فاطمة طاهر، الحاصلة على تكريم، إنجازات أوائل الإمارات 44، أول مبتكرة لنظام إلكتروني يساعد على الكشف المبكر عن سرطان الرئة، وأول خريجة في جامعة خليفة بدرجة الدكتوراه في هندسة الحاسوب، تعمل أستاذة بجامعة خليفة في قسم الهندسة الإلكترونية وهندسة الحاسوب، ولها إسهامات ومشاركات عديدة في مجالها، رغم كونها أماً لخمسة أبناء، الإرادة والطموح والتميز سماتها، وللتعرف اليها أكثر كان لنا معها هذا الحوار: } ماذا أضاف لك التكريم ضمن قائمة الأوائل 44؟ - بدايةً، لم أتوقع أن يتم تكريمي من بينهم، فكانت المفاجأة؛ لكن كنت واثقة أن بحثي متميز، خاصة أنني حصلت به، على العديد من التكريمات عالمياً، ونشرت منه 30 ورقة بحثية علمية في مختلف المؤتمرات العلمية، وكنت حالما أقدمه لأي جهة، يتم قبلوه لحداثته وتميزه وما يقدمه من مادة عملية متطورة. } التكريم، لابد أنه فتح لك آفاقاً جديدة، ودفعك للتطوير؟ - ذلك صحيح، وأولى خطوات التطوير، هي أنني أعمل الآن على الإشراف على طلبة دكتوراه لتطوير بحوث وأطروحات خاصة بصور الكشف عن سرطانات أخرى كسرطان الثدي، الدم، بهدف استعرض أفكار جديدة وعدم الوقوف عند حد بحثي الخاص بسرطان الرئة، وما يسهم في التطوير بشكل دائم، هو الدعم اللامحدود ليس فقط من الحكومة بشكل مباشر، بل بتوجيهاتها لقطاع التعليم العالي بالاهتمام بالبحوث، وهذا ما أجده بحق في جامعة خليفة، حيث الفرصة للتطوير والابتكار في أعلى مستوياتها، وكذلك التعاون المثمر مع مستشفيي توام وجامعة الشارقة. } هل تم تطبيق بحثك عملياً؟ - حتى الآن لم يتم تطبيقه، لكن العمل جار على التنسيق والاتفاق مع شركة أبوظبي للخدمات الصحية (صحة). } كيف جاءتك فكرة البحث؟ - حينما كنت في مرحلة الدراسة في جامعة خليفة، كان لنا الفرصة كطلبة في أن نستفيد من الرحلات العلمية التي تنظمها الجامعة، التي أثمرت عن العديد من الأفكار وصقلتنا بشكل مميز، ومن ذلك زيارتي لمستشفى سيتي بلندن، ولديهم تطبيقات مشابهة، لذلك الذي قمت بتطويره، لكن ما عملت عليه، هو إضافة الدقة في الكشف على الخلايا السرطانية في الصور، وبحجم أكبر، وأكثر ملاءمة لنوع الخلية المقصودة، فكان تطويراً بنسبة 50%. } حدثينا عن بدايتك، حتى أصبحت أكاديمية في جامعة خليفة؟ - البداية كانت حينما درست البكالوريوس والماجستير في جامعة الشارقة بتخصص هندسة الحاسوب، وقد كنت من المتفوقات في دراستي للبكالوريوس وذلك ما جعلني أفكر بإكمال دراسة الماجستير في العام 2001، لكن للأسف لم يكن هناك برنامج للماجستير في الجامعة في تخصصي، ووقتها حزنت كثيراً، ولكن لم يكن باليد حيلة، ذلك أنني وقتها كنت متزوجة وحاملاً ولدي طفل، وليس من الحكمة أن أسافر للدراسة رغم حصولي على منح، وحينها علمت بأن جامعة الشارقة ستطلق برنامج ماجستير في تخصصي، تعينت معيدة في الجامعة، في انتظار البرنامج الذي افتتح فعلا في العام 2003، وهنا كانت إشراقة جديدة، فأتممت الماجستير في العام 2007، لكن المشكلة ذاتها واجهتني من جديد، بعدم وجود برنامج للدكتوراه بتخصصي، فبقيت على أمل افتتاح التخصص، وحصلت حينها على عضوية هيئة التدريس بالجامعة. في العام 2010، تم افتتاح تخصصي للحصول على درجة الدكتوراه في هندسة الحاسوب بجامعة خليفة، وكنت من الدفعة الأولى التي تتخرج في التخصص بدرجة الدكتوراه، حيث كنا 4 من المتقدمين للحصول على الدرجة، ولأنني كنت أحب مجال معالجة أو تحليل الصور (إيميج بروسسينج)، والعمل في مجال إنساني، التحقت بالتخصص، وجعلت موضوعي في الدكتوراه حول معالجة صور الخلايا السرطانية، وحالياً أدرّس الهندسة الإلكترونية وهندسة الحاسوب. } كيف أثرت بيئتك ونشأتك في تميزك؟ - في الحقيقة كنت منذ صغري متفوقة في دراستي، والفضل في ذلك يعود لوالدي اللذين عملا بشكل حثيث ودائم على تشجيعنا على الدراسة، وأمي بشكل خاص كان لها أكبر الأثر في تنمية حبي لإكمال دراستي والوصول إلى درجات علمية عليا، ومن جانب آخر، فإن مؤسسات التعليم والعمل التي درست وعملت فيها، تحتضن بشكل خاص الراغبين في التفوق والتميز، وتدعمهم بشكل جلي، وعلى سبيل المثال وفرت لي جامعة خليفة فرص السفر الكثيرة بدون أي قيود، وكل ذلك على نفقتهم الخاصة، لأجل أن تبرز اسم الدولة في كل المحافل التي شاركت فيها، ولأجل صقلي علمياً بحيث تعود الفائدة للدولة، ومن تلك الدول بريطانيا وهونغ كونغ وإسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية، فهم يتبنون التميز ويدعمونه. } ذكرت أنك في إحدى مراحل دراستك، كنت أماً، وعلى وشك استقبال مولود جديد، فكيف تعاملت مع مسؤولياتك الأسرية ونجحت علمياً ومهنياً؟ - لدي بفضل الله الآن 5 أبناء، 3 منهم أنجبتهم قبل الدكتوراه، وحينما ُقبلت في دراسة الدكتوراه كنت حاملاً، وبعد انتهائي من الدكتوراه كذلك، أصبح لدي طفل، ولن أقول إنني استطعت التوفيق بين دراستي وعملي وأسرتي بجهدي خاص، وإنما بفضل التعاون الذي وجدته من قبل زوجي ووالدتي وأخواتي، الذين لولاهم لما استطعت إكمال مسيرتي، ويمكنني القول إن 90% من الفضل في تربية أولادي يعود لوالدتي خلال مدة دراستي، كما أن زوجي كان يسافر معي خارج الدولة لأجل أن أتم مهامي. } اليوم.. كيف تتعاملين مع أبنائك؟ - من الطريف لو قلت إن ابني (محمد) الذي حملته مع بدء دراستي الدكتوراه أسميه دكتور محمد، حتى حين يسأله أحد عن اسمه يذكره، وحين حصلت على تكريم الأوائل كانت ابنتي ذات 11 سنة معي، وأعجبت بالأجواء، وقالت لي إنها تتمنى أن تقدم شيئاً للبلاد وتكرّم عليه، ومن هنا فأنا أتعامل مع أبنائي، كما تعاملت والدتي معي، أدفعهم للتفوق، وأتبّع معهم أساليب عدة، منها المكافأة على كل تمّيز، وأرسم لهم صورة مستقبلية جميلة وأحفزهم على الاستمرارية لتحقيقها. } ماذا تقولين لكل امرأة؟ - أقول لها كوني صاحبة إرادة وأفق، ونسقي ونظمي أمور منزلك وطموحاتك الشخصية، ولا تتخلي عنها بحجة المسؤوليات، فلا تلغي نفسك وذاتك وطموحاتك وتميزك لأجل أن تكوني أماً وزوجة، فيمكنك أن تكوني كذلك وأنت متفوقة ومتميزة في دراستك وعملك، شخصيتك وكيانك وأسرتك كلها مهمة، لكن الأهم أن توفقي بينها، ولا تلغي واحدة على حساب الأخرى، وللمرأة الإماراتية أقول: لديك حكومة تدعمك في كل مجالات طموحك، فاستثمري ذلك. إنجازات وجوائز عملت د.فاطمة طاهر، على تصميم برنامج تشخيص على الحاسب الآلي، يعمل على قراءة صور الخلايا السرطانية، فيسهم في الكشف المبكر عن سرطان الرئة، وذلك من خلال الاعتماد على تحليل صورة ملونة للعاب، وحصلت فيه على جائزة أفضل بحث دكتوراه متميز في يوم القيادة بجامعة خليفة، وجائزة أفضل بحث في المؤتمر الدولي لتكنولوجيا المعلومات في أبوظبي، وجائزة أفضل عمل بحثي، وأفضل بحث دكتوراه في المؤتمر العالمي العشرين لمعهد المهندسين الكهربائيين والإلكترونيين، للإلكترونيات والدوائر والأنظمة في أسبانيا، ونشرت 30 ورقة بحثية معتمدة على بحثها، وذلك في مجلات علمية ومؤتمرات دولية متعددة.