قال الدكتور محمد الماضي محافظ المملكة لدى منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، "إنه من المستحيل استخدام البترول كسلاح سياسي كونه سيؤدي إلى اتجاه الدول المستهلكة إلى تطوير التكنولوجيا والتوصل إلى بدائل أخرى للطاقة"، مستدركاً أن المنتجين الأكثر تضررا على المدى الطويل في حال ذلك. وأشار إلى أن ظهور الغاز الصخري جاء نتيجة لارتفاع أسعار النفط عالميا ووصوله ذروته عند 147 دولارا للبرميل، وبالتالي بحثت الدول عن بدائل أصبحت تكلفتها أقل مقارنة بالسابق. ونفى الماضي خلال ورقة عمل بعنوان "السوق البترولية والمنظمات الدولية والإقليمية المتخصصة في البترول والطاقة" خلال ملتقى الإعلام البترولي الثاني لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أمس، وجود أي أسباب سياسية خلف سياسة السعودية في سوق النفط. وأكد أن السعودية ليست ضد الغاز الصخري، بل كانت من أول المرحبين به، كونه سيؤدي إلى توازن السوق على الأمد الطويل، لافتاً إلى أنه من الصعب عودة أسعار النفط إلى مستوى 120 دولارا مرة أخرى. وفي رده على سؤال "الاقتصادية" عن توقعاته للأسعار، قال "لا يمكن توقع الأسعار". وقال الماضي خلال الورشة "هل كانت "أوبك" قادرة على التحكم في الأسعار؟ الجواب هو أنه لو كان بمقدور "أوبك" التحكم في الأسعار لكانت قد فعلت ذلك، لكن ليس من مصلحة "أوبك" التحكم في الأسعار.. من مصلحتها تحقيق التوازن في السوق. السعر تحدده السوق، والسوق خاضعة للعرض والطلب". كما أكد عدم وجود نظام للمراقبة داخل "أوبك"، يمكنه مراقبة التزام الأعضاء بالاتفاقات المبرمة فيما بين الأعضاء، لافتاً إلى أن روسيا عادة ما كانت تدخل في اتفاقيات مع دول "أوبك" لكنها عادة لا تلتزم بها. وشدد الماضي على أن قطاع النفط من القطاعات القليلة التي لا يستطيع المنتج تسويق ما لديه، ما يجعله أمراً صعباً نسبياً، مشيراً إلى أن قطاع النفط يشكل وضعاً دقيقاً للدول المنتجة والمستهلكة لما يشكله من نسبة في دخولهم، ملمحاً إلى أنه من الصعب الاستمتاع بالحياة بدون النفط. ورجح الماضي أن السبب في زيادة الطلب على البترول، زيادة عدد السكان، وأن الفترة المقبلة ستشهد زيادة الطلب على الطاقة، مبينا أن هناك ثلاثة مليارات نسمة ستزيد دخولهم خلال العقدين المقبلين وهو ما يتطلب زيادة في مصادر الطاقة. وكان الدكتور إبراهيم المهنا مستشار وزير البترول والثروة المعدنية، افتتح أمس ورشة العمل المخصصة للعاملين في المجال الإعلامي في منتدى الإعلام البترولي الثاني لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي يعقد تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بعنوان "الإعلام البترولي الخليجي.. قضايا وتحديات". من جهته، قال الدكتور ناصر الدوسري المستشار الاقتصادي لوزير البترول والثروة المعدنية السعودي، "إن العالم مستمر في التغيير، حيث ينمو العالم كل عام في حجمه الاقتصادي وعدد سكانه"، مشيراً إلى أنه منذ بداية هذا القرن ارتفع مستوى نمو الاقتصاد العالمي من 49 إلى 74 تريليون دولار، كما ارتفع عدد سكان العالم لنحو مليار نسمة، إضافة إلى تمكن ما يزيد على 200 مليون نسمة من تجاوز خط الفقر وزادت الطبقة الوسطى من 1.5 مليار إلى 2.3 مليار نسمة. جاء ذلك خلال ورقة العمل الثانية في المنتدى بعنوان "المتغيرات والتحديات في الصناعة البترولية الدولية"، التي شملت ثلاثة محاور الأول العوامل الأساسية المؤثرة في السوق البترولية، والثاني العوامل غير الأساسية ودورها في التأثير في الأسواق، والثالث دور السعودية في السوق البترولية الدولية. وحول جوانب الطاقة، بين الدوسري أن عدد البشر الحاصلين على أحد أنواع الطاقة الحديثة زاد من ثلاثة إلى خمسة مليارات، فيما لا يزال هناك مليارا شخص لا يحصلون على أي نوع من الطاقة الحديثة. وأشار إلى أن الطلب العالمي على البترول زاد خلال الـ 15 سنة الماضية من 75 إلى 93 مليون برميل يومياً، وأن معظم هذا النمو يأتي من الدول النامية وعلى رأسها الصين والهند ودول الشرق الأوسط، وأنه في ظل هذا التوسع الاقتصادي والنمو السكاني، فإن العالم يُتوقع أن يستمر في طلب مزيد من الطاقة. وأضاف، أن "التقديرات تشير إلى أن النمو على البترول سينمو سنوياً بنحو 1.1 مليون برميل يومياً خلال الـ 15 سنة المقبلة، وسيؤدي إلى وصول الطلب العالمي على البترول لنحو 110 ملايين برميل يومياً، بنحو 40 مليار برميل كل عام". وأضاف، أن "العالم سيحتاج إلى مزيد ومزيد من الطاقة، وأثبتت الصناعة البترولية في السابق أنها قادرة على تلبية هذا الطلب المتزايد من خلال الاستكشاف الجديد والبحث والتطوير والتقنية". وذكر أن العالم اليوم ينتج جزءاً ليس بقليل من مكامن ومناطق بترولية كان في السابق من الصعب الإنتاج منها كالبترول الصخري في الولايات المتحدة والحقول البحرية العميقة في البرازيل والرمال البترولية في كندا، فيما أسهمت في السنوات الأخيرة في ظل بقاء أسعار البترول مرتفعة نسبياً في دعم زيادة المعروض العالمي من البترول إلى مستويات عالية، وأدت إلى تشجيع الاستثمارات البترولية في مكامن لم تكن ذات جدوى اقتصادية. وحول العوامل غير الأساسية المؤثرة في الأسواق البترولية، قال الدوسري "إنه بالنظر إلى السنوات الأخيرة يلاحظ أن العوامل الجيوسياسية كان لها تأثير كبير في مستويات الأسعار، فالاضطرابات الأخيرة في المنطقة والحظر الاقتصادي على بعض الدول المنتجة أدى بدوره إلى دعم ارتفاع الأسعار رغم وفرة الإمدادات البترولية، إلى جانب المضاربة من قبل المستثمرين على نزول أو ارتفاع الأسعار، هو بدوره كان ذا تأثير لا يمكن تجاهله". وبين أن السعودية تعد أهم دولة منتجة للبترول منذ عام 1970م، ومن المتوقع أن تستمر أهميتها إلى عقود مقبلة، حيث تمتلك أكبر احتياطي بترولي في العالم يمثل 22 في المائة من الاحتياطي العالمي، وهي واحدة من أكبر الدول المنتجة للبترول، وتسهم بـ 30 في المائة من إنتاج دول منظمة أوبك، و50 في المائة من إنتاج دول الخليج العربي. ولفت إلى أن أهمية السعودية للأسواق البترولية لا تكمن في حجم الإنتاج فقط، لكن من خلال سياستها البترولية الهادفة إلى المحافظة على توازن الأسواق البترولية في ظل المتغيرات. واختتم المستشار الدوسري حديثه قائلاً "لقد عملت السعودية من خلال التعاون مع الدول المنتجة والمستهلكة على الوقوف في وجه أي انقطاع في الإمدادات البترولية والحد من التقلبات السعرية الحادة، وأنها تمكنت من الوصول إلى هذا الهدف من خلال الاستثمار في طاقة إنتاجية فائضة، ما جعل السعودية الدولة الوحيدة في العالم التي تمتلك قدرة إنتاجية فائضة تمكنها من توفير الإمدادات في حالة الانقطاعات في الإنتاج من جراء التغيرات السياسية أو الكوارث الطبيعية". من ناحية أخرى، أكد عبدالوهاب الفايز رئيس تحرير صحيفة اليوم السعودية، أهمية إنشاء معهد متخصص في الإعلام النفطي، تقوم عليه الشركات العاملة في مجال النفط ومشتقاته، وكذلك مجلس التعاون الخليجي ومنظمات الـ "أوبك"، يهدف إلى إيجاد صحفيين متخصصين في المجال النفطي". وبين الفايز، في ورقة عمل قدمها بعنوان "كيف تكون إعلامياً متخصصاً في شؤون الطاقة"، أنه يجب في البداية عقد العزيمة للصحفي أن يكون متخصصاً في الطاقة، سواء من خلال بناء الاسم، أو بناء المصادر وتأسيس قاعدة معلومات عن صناعة النفط. من جانبه، قدم الدكتور مطلق المطيري؛ المحاضر في جامعة الملك سعود، ورقة عمل بعنوان "الكتابة الصحفية المتخصصة"، قال خلالها "إن مرحلة استخدام الإعلام العربي كل الموبقات الثقافية التي لحقت بالمجتمعات العربية وربطها بالبترول وأصبحنا نسمع (عرب البترول) التدين البترولي أو الدين البترولي شراء الفن والسينما بأموال البترول، بل منهم من ذهب إلى ربط الإرهاب بالبترول وأفلام وأقلام تحكي قصة إفساد النفط للحياة الثقافية العربية". وأضاف، "هذا الاقتحام المشين للبترول وخدماته التنموية يجعل المواطن العربي يرى البترول ككارثة اجتماعية وثقافية على حياته، وهذا المحور بالذات يحتاج إلى وقفات محاسبة ولم تجد رواية واحدة عربية وحتى قصيدة تنصف البترول عند الأشقاء العرب، خاصة أن البترول في الخليج استفادت منه جميع الأقطار العربية". وأوصى المطيري بإنشاء كرسي بحثي في الجامعات الخليجية يخصص للكتابة الإعلامية البترولية المتخصصة بجوانبها التفاوضية والدبلوماسية الشعبية والتقارير الإعلامية تدعمها وزارة البترول، وكذلك تشكيل تجمع مهني عالمي للإعلاميين المتخصصين في الشأن البترولي. فيما لفت الدكتور زياد الحديثي؛ أستاذ مساعد في قسم الإعلام في جامعة الملك سعود، ومستشار إعلامي متفرغ في وزارة البترول ورئيس فريق التوعوية في البرنامج السعودي لكفاءة الطاقة، خلال ورقة بعنوان "دور الإعلام في ترشيد استهلاك الطاقة بدول الخليج، إلى تدهور كفاءة استهلاك الطاقة في السعودية مع نمو كثافة استهلاك الطاقة نحو 50 في المائة منذ عام 1985م. وأضاف "قام البرنامج السعودي لكفاءة الطاقة بتحديد الجهود المبذولة عالمياً في مجال التوعية بكفاءة الطاقة ثم اختيار أفضل ممارسات التواصل في مجال التوعية لكفاءة الطاقة بعد ذلك تحليل ممارسات التواصل في المملكة وأخيراً تطوير نهج التوعية للبرنامج".