كانت ولا زالت وستظل قضية مشاركة المثقفين في المحافل الثقافية والأدبية في الدول العربية أو الغربية محل إشكال واختلاف يصل أحيانا إلى مستوى الخلاف، خصوصا أن البعض يصف الاختيار بالعشوائي أو الاعتباري لشخصيات بذاتها كونها تحتل مناصب مرموقة أو ترتبط ببعض المسؤولين بأواصر قربى ومودة. وتحفظ عدد من المثقفين على المشاركة الخارجية بأسماء لا تمت بصلة للواقع الثقافي أو أن صلتها محدودة ما يشعر المثقف أن المحاباة والمحسوبية معياران بارزان في هذا الشأن ، وعزا الناقد الأكاديمي سعيد الجعيدي ضعف صوت المثقف السعودي في المحافل والمناسبات إلى ضعف الاختيار وانعدام المعايير كون بعض الأسماء الجدلية أولى بالحضور لما لها من حضور أصلي من خلال طرحها وإبداعها ، مؤملا ألا نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير.لافتا إلى أن المشاركة الخارجية الضعيفة توحي بضعف مثقفينا وقلة حضورهم كون المشاركة دون المستوى، داعيا إلى وضع آلية منضبطة للتمثيل الخارجي تراعي عدالة الاختيار مع جودة المختارين والمنتخبين للمشاركة الخارجية، فيما يرى الشاعر عبدالرحمن معيض الغامدي أن وزارة الثقافة والإعلام تحتاج إلى قاعدة بيانات توثق لكل الأدباء والمثقفين والمفكرين ما يسهل عليها مهمة الاختيار، مشيرا إلى أن المشاركات الثقافية في المحافل المحلية والدولية من أهم روافد الحراك الثقافي في أي بلد في العالم، ومن أهم عوامل التطور الفكري، ومن أهم معززات الإبداع لدى الفئة المعنية وهم المثقفون بكل ألوانها، مؤملا أن تستوعب المشاركات أطياف عدة من الوطن كأن يكون الشعراء من منطقة والسراد من ثانية والنقاد من ثالثة والفلكلور من رابعة ما يمنح الفرصة لكل الراغبين في المشاركة، مؤكدا أن هذه الآلية يمكن أن تحقق تكافؤ الفرص وتعزز حضور الثقافة الوطنية خارجيا بصورتها النقية الأصلية خصوصا حين تعتمد الوزارة منهجية التدوير.من جهته أوضح وكيل وزارة الثقافة للعلاقات الخارجية سابقا الدكتور أبو بكر باقادر أن مسألة المشاركات الخارجية محكومة بنوعية المناسبة التي تستوجب اختيار المختصين لها حسب الآلية المتبعة في كل مناسبة، نافيا أن يكون للشللية أو العلاقات الخاصة أي دور في ذلك ، مؤكدا أن المشاركة تأتي في إطار تنظيمي مرتبط بالموضوعات التي يتم طرحها، لافتا إلى أن هناك أسماء بارزة تدعى للمشاركة إلا أنها تعتذر بسب مشاغل أو ارتباطات أخرى ، ويرى أن الغالب على المشاركات الخارجية ارتباطها بمعارض التصوير الفوتوغرافي والفن التشكيلي والمسرح والفلكلور، مؤملا أن يعاد تفعيل الأسابيع الثقافية كونها تنفي عنا تهمة (مجتمع الصمت) وتعبر عن قضايانا العادلة نافيا عن نفسه تهمة أنه كان يحابي أو يجامل كون هناك لجنة معنية باختيار الأسماء وتحديد البرنامج، واصفا الأيام الثقافية السعودية في اليمن بأنجح الأيام لما لقيته من صدى رسمي وتفاعل مجتمعي وحراك أكاديمي، مشيرا إلى أن تنوع المشاركين واختلاف مشاربهم وتياراتهم سيعكس التنوع والجدل الإيجابي الذي نعيش فيه ونحيا من خلاله شأن بقية المجتمعات، مؤيدا حضور السرد على وجه الخصوص كونه أكثر الفنون تعبيرا عن الواقع المحلي بكل أطيافه.