هل بالغت السعودية في ردة فعلها على الإساءات الإيرانية، واستعجلت في قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران ؟! في الحقيقة لا، فالقرار ليس وليد لحظة الحدث بل هو نتاج تراكمات سنوات طويلة من الصبر على التجاوزات والإساءات والمؤامرات الإيرانية التي وصلت حد دعم وتمويل وتوجيه أعمال إرهابية على الأراضي السعودية لم تستثن حتى الحرمين الشريفين! إيران خالفت كل أعراف الدبلوماسية وقواعد حسن الجيرة مع جيرانها الخليجيين والعرب ومارست الابتزاز والعدوانية في كل تعاملاتها وكانت سياستها أقرب إلى سياسة العصابات منها إلى سياسة الحكومة المتحضرة الراغبة في مد جسور التعاون والسلام مع محيطها ! فتش عن إيران في كل بؤرة توتر إقليمية أو حدث إرهابي وستجدها حاضرة إما بشكل مباشر أو بواسطة عملائها وأحزابها الطائفية المتطرفة، بما في ذلك إرهاب قاعدة الزرقاوي وداعش البغدادي، فقد رعت هذا الأرهاب وأوت رجاله ومدته بأسباب الحياة لتتخذه ذريعة لها في الاستيلاء على العراق والتدخل في سوريا والتغطية على إرهاب ميليشيات أحزابها الطائفية في العراق وسوريا ولبنان ! إن إيران محظوظة بالاحتفاظ بعلاقاتها الدبلوماسية مع السعودية كل هذه المدة ، ولو كانت علاقتها بدولة أخرى لا تتمتع بنفس درجة ضبط النفس وتتخذ من الاعتدال والحكمة والروية منهجا لسياستها الخارجية؛ لكان كل عمل إرهابي وتآمر داخلي ضلعت فيه كافيا لإعلان الحرب وليس لقطع العلاقات وحسب! ولا تملك إيران اليوم سوى خيارين، إما العمل على ترميم جسور علاقاتها بجيرانها، أو هدم ما تبقى من جسور ، وأيا كان الخيار الإيراني فقد حسمت السعودية خيار الخروج من المنطقة الضبابية إلى المواجهة، فإما علاقة حسن جوار صادقة أو لا علاقة البتة، وباتت الكرة الآن في الملعب الإيراني !