×
محافظة المنطقة الشرقية

جوائز 2015 أوسمة تحتفي بأهل الإبداع

صورة الخبر

بكل أسف أفتتح هذا الركن بحروف مغسولة بالحزن والألم، فما أقسى المعاناة في منطقة الفل والحب «جازان» التي تغتالها يد الفساد، هكذا جاءت مقالتي اليوم بشكلها الجديد، ومكانها الجديد، ترحب بقرائي الأحبة في كل ثلاثاء اعتبارا من اليوم. جازان العروس الجنوبية الوادعة التي تعطر الأرجاء بأريج فلها ورائحة بعيثرانها ونفحات كاذيها وكل نباتاتها العطرية الزكية اغتسلت هذا الأسبوع بالألم، واكتست حلتها البيضاء بالسواد، ولفت على رأسها عصائب الحزن بدلا من عصائب الفل الأبيض النقي كنقاء قلوب أهلها وبياضهم. تعرضت جازان الحبيبة لأشد وأقسى أنواع الاغتيالات الروحية والنفسية، ليس من عدو بالرغم من أنها على مرمى صاروخ في الحد الجنوبي ونحن في حالة حرب لكن جنودنا البواسل ودفاعنا القوي حماها فلم تصب بأذى من رمياتهم، ولم تتعرض لها يد الإرهاب المنظم فقد قاومته السنين الطوال وبقيت محافظة على سجلها نظيفا لم يستطع الإرهابيون اختراق صفوف شبابها بل إن معظمهم ينخرط في السلك العسكري بإيمان عميق، وثقة مطلقة دفاعا عن حدود بلادنا ومقدساتها، وأهل جازان يفاخرون بشبابهم المخلص، والوطن يفخر بهم وبوفائهم وبأفعالهم وإنسانيتهم التي تجلت في تضحياتهم وشجاعتهم ليلة حريق المستشفى العام فجر الخميس الأسود. قال الشاعر القديم «جزى الله الشدائد كل خير»، ونحن معشر العرب تعودنا نولول ونملأ الدنيا صريخا وعويلا عندما تحدق بنا كارثة أو تنزل بنا نازلة، ولا نتوقف عن الزعيق والنعيق، حتى تتقادم الأيام فننسى الحادثة وتستمر الحياة دون أن نستشعر الخطر المحدق بنا، وكأن شيئا لم يكن حتى تفاجئنا مصيبة أخرى فنكرر ذات الصراخ والعويل. بلغ السيل، فالفساد استشرى في جميع جسد الوطن شرقه وغربه وشماله وجنوبه والأحداث السابقة شواهد عليه فالأمطار والسيول تكشف لنا كل موسم عن ضعف البنية التحتية وترديها، وازدحام الشوارع والطرقات، وعدم تصريف مياه الأمطار التي امتلأت بها الكباري والطرقات يفضح تخطيط المدن، وحادثة الرافعة وغيرها من الأحداث الجسام التي جرعتنا مرارة الألم بالرغم من الميزانيات الترليونية، وإن جاءت الضربة هذه المرة في «جازان» موجعة أكثر ومؤلمة أكثر فلنا أمل في ملك الحزم والعزم وساعديه أن يصلحوا ما أفسده الفاسدون، وأن يحافظوا على ما بقي فيها من نقاء وما بقي من طهارة في صدور الصالحين من أبناء الوطن الغالي، فقد حان دور الرقيب الإداري في ظل غياب الرقيب الذاتي، جاء الآن دور الحساب الدنيوي قبل حساب الآخرة، فلن نسامح أحداً استغل مكانه ومركزه وحلب لبن جازان وترك أهلها يصارعون الموت، الأمر لا يحتاج إلى لجان الطبطبة على الأكتاف ولا يحتاج العبارات المهندمة ولا الكلمات المنمقة والتصاريح الرنانة، جازان مكلومة وعميقة الجراح بحاجة ماسة إلى التفاتة قوية تشفى بها الصدور وترتاح لها النفوس وتداوي بها القلوب، وما ذلك على ملك الحزم بعزيز.