×
محافظة المنطقة الشرقية

الداخلية تنفذ حكم القتل قصاصاً بحق سعودي قتل آخر بطلق ناري في الدمام

صورة الخبر

كشفت أعمال الفنانين المشاركين في مهرجان الفنون الإسلامية، الرؤية التي ينطلقون منها في معالجة الثقافة الجمالية للحضارة الإسلامية، إذ جاءت أعمال الفنانين موزعة على محاور عدة تمثل في واقع الأمر المعالم الرئيسية للفنون الإسلامية على امتدادها التاريخي. ظهر هذا في مجمل الأعمال المقدمة في المعرض، إذ اشتغل الفنانون على الخط العربي، والزخرفة، والعمارة الإسلامية، إضافة إلى السجاد، مقدمين بذلك التصنيفات الرئيسية التي وثقتها حركة الفنون العربية والتاريخية لمجمل الفنون الإسلامية، وعلى الرغم من المحاولات الكبيرة لإعادة إنتاج تلك المفاهيم والأشكال، بتقنيات معاصرة مغايرة لصورتها التاريخية إلا أن صورتها ظلت عالقة في الأطر الأربعة تلك. تشكل هذه المعالجات التي قدمها أربعون فناناً، صورة واضحة المعالم لمفهوم الرؤى البصرية الجمالية للفنون الإسلامية لدى الثقافات الأجنبية، إذ استطاع المشاركون تجسيد الصورة الجذرية لتلك الفنون بكل تجلياتها، ولم تفلح كل تقنياتهم وتجاربهم في الخروج عن المسارات الأربعة المركزية في الفنون الإسلامية. في الوقت ذاته كشفت الأعمال رؤية الفنان الأجنبي لجماليات الخط العربي، ورؤيته للمعمار الإسلامي، ولمفهوم الزخرفة الإسلامية، إذ لم يتوقف الفنانون عند تلك المحاور بوصفها جاهزة ومكتملة لا يمكن إعادة إنتاجها من جديد، بل انطلق كل فنان من رؤيته لهذه المحاور، وتجلى ذلك في الزخرفة الإسلامية، والخط العربي بصورة واضحة. لذلك يمكن النظر إلى معالجات الفنانين لمفهوم وصورة الخط العربي في أعمالهم، على أكثر من مستوى، وفي أكثر من باب، إذ يحضر الخط في المعرض بصورة اللوحات حروفية القائمة في اللوحات الخطية المكتوبة بالحبر على الورق، ويحضر مقابل ذلك في سلسلة من المعالجات المغايرة التي تنظر إلى الخط ليس بوصفه أداة تعبير عن اللغة العربية، وإنما بوصفه هوية بصرية، وشكل جمالي، وتكوين لين ومطواع قابل للتحول والتبدل في العمل الفني. تنكشف هذه المعالجات المتعددة في أعمال المعرض، لتؤكد قدرة الفنون الجميلة والرؤى الإبداعية على هضم المحمول البصري الثقافي وإعادة إنتاجه جمالياً وفق الرؤية والزاوية التي يرى فيها الفنان عمله، فالفنان بروس مونرو اشتغل على الخط العربي عبر استحضار موتيفات وعلامات من تاريخ الثقافة الإسلامية قدمها في عمله الفني المشغول بشاشات تفاعلية موضوعة في غرفة جدرانها من المرايا، وترك الأشكال الحروفية والجمل المكتوبة بالخط الكوفي في فضاء مظلم مضيئة بالكامل ويتكرر حضورها حركياً وبصرياً في مرايا الغرفة. قدم مونرو عمله ذاك انطلاقاً من مفهوم الهوية البصرية للثقافة الإسلامية، فبات الخط العربي في عمله هو الهوية البصرية التي لولاها لما كان العمل الفني ينتمي إلى فضاء الفنون الإسلامية، فلو كانت الشاشات تعرض أشكالاً أخرى غير تلك التي تنتمي للثقافة الإسلامية لفقد العمل هويته البصرية. وهذا تماماً ما قدمه الفنان رشاد الأكبروف في عمله سحر الظلال، فالتقنية التي يطرح عمله فيها قائمة على واحدة من التقنيات الفنية المعاصرة التي تستند إلى ترتيب أشكال عشوائية أمام مصدر ضوء بحيث يتشكل العمل على الجدار بصورة ظلال وضوء. فطرح في عمله عبارات مكتوبة بالخط العربي، فلم يكن الخط في العمل سوى هوية بصرية تكشف المسار الذي يحاول الفنان الوصول إليه في معالجته، إذ جاءت العبارات مكتوبة بواحد من الخطوط التقليدية التي تمزج بين خط النسخ والخطوط العربية الرقمية الحديثة، بمعنى لم يستند الفنان إلى البعد الجمالي لشكل الخط العربي، ولم يوظف طاقته البصرية في تكوين لوحة جمالية مكتوبة بخطوط الفنون الإسلامية البارزة كالديواني، أو الكوفي، أو الثلث، او غيرها من الخطوط. لذلك يمكن النظر إلى الخط العربي في واحدة من تمظهراته داخل أعمال المهرجان بوصفه هوية بصرية تحدد المسار الذي عرضت فيه الأعمال، في الوقت الذي ظهر بصورة مغايرة تماماً في عمل الفنانة شاهدة أحمد المعنون ب الله نور السماوات والأرض الذي يقوم على تكوين عمل زخرفي هندسي بمكعبات مصفوفة بصورة دائرية يقل حجمها في المركز ويتضخم في الأطراف. عملت الفنانة على الخط العربي في هذا المسار بوصفه وسيطا لغويا يمكنه أن يحمل الرسالة التي أرادت نقلها إلى المتلقي، ولم يظهر بوصفه هوية كما في عمل الأكبروف أو مونرو، فالخط في عملها لا يشكل مركز العمل وإنما يمثل تفصيلاً يمكن للباحث عن مفهوم العمل أن يعثر على صورته على وجوه المكعبات المصفوفه، إذ تكتب كلمة نور مفرغة على المكعبات ليمر الضوء من المكعبات التي تتجمع حول مصدر ضوء تتفرع منه المكعبات باللون الأرزق والأحمر والأصفر والأخضر. ويبدو الفنان فريد راسولوف متفرداً في رؤيته للخط العربي، إذ لا يذهب إلى الخط العربي بوصفه هوية، أو حتى بوصفه وسيطا لغويا، أو حتى شكلا جماليا، وإنما يستفيد من البناء التكويني الذي يقوم عليه الخط العربي، فيقدم تكوينات تقترب في شكلها مع الحروف العربية، مشغولة بزخارف إسلامية هندسية. وفي هذا الطرح يخرج عن الإطار التقليدي للمعالجات القائمة في الخط العربي، إلى فضاء أكثر اتساعاً لا يحكمه سوى مرجعية الشكل ومرونة الحروف العربية في قدرتها على إعادة التكوين بصيغ وصور جديدة يقترب فيها الفنان من شكل حرف السين، وحرف النون، والكاف، والتاء، وغيرها من الأحرف.