«الاختلاف في الرأي ينبغي ألا يؤدي إلى العداء و إلا لكنت أنا وزوجتي من ألد الأعداء» هذه إحدى مقولات غاندي عن الاختلاف في الرأي. وقال ابن رشد أيضا عن الاختلاف «انه لو سكت من لا يعرف لقل الاختلاف»، وهناك مقولة تقول «مثلما تترك بعض الأطعمة تبرد قليلا ليسهل أكلها اترك بعض الخلافات الناتجة عن الاختلاف تهدأ قليلا ليسهل عليك حلها». اغلب خلافاتنا وصراعاتنا وانفعالاتنا هي نتيجة لضعف مهاراتنا في الحوار والفهم الخاطئ، فنحن في مجتمع عادة ما نفسر سلوكيات الناس اللفظية والحركية تفسيرات نابعة من ثقافة فكرية في أغلبها تفسيرات وتأويلات غير عقلانية، فإذا سيطرت على الأفكار الشكوك ومشاعر الاضطهاد وأفكار أن كل شي مؤامرة فان أفكارنا وردود أفعالنا ستكون استجابة لهذه الأمور وتنعكس على خلافاتنا وحوارنا. ومن ناحية أخرى من السهل أن تشتعل نار الغضب والعدوانية والكراهية نتيجة للفهم الخاطئ للآخر أو لعدم قدرة الآخر على توصيل ما يريد بشكل مفهوم، ويلعب عامل عدم إيماننا بتوكيدية الأشخاص وأن من حقهم أن يعبروا عن آرائهم شريطة عدم المساس بكرامة الآخرين واحترام إنسانيتهم أهم عامل في ردود أفعالنا واعتدائنا على حقوق الآخرين وعدم تقبلنا للآخر وعلى ضوء ذلك تصبح علاقتنا مع الآخر على كف عفريت دائما وفي حاله تأزم. التسرع والاندفاع وعدم التأني والتريث تجعلنا شخصيات تتمتع بمستوى عال من الحماقة وبالتالي الوقوع في المزيد من الأخطاء والأفعال المتهورة لأننا نعاني من فقدان الكثير من مهارات التواصل فنتكلم كثيرا ونثرثر ونقاطع ونرفع أصواتنا ولا نعرف متى نصمت وننصت وأن هذه مهارات تدل على الوعي والتحضر والثقة بالنفس ولكن في الغالب نرغب أن لا نكون كذلك وننسى أنفسنا ونتصرف بحماقة. دائماً أتساءل لماذا الخلاف عندما نختلف؟ ولماذا يريد احدنا فرض وإجبار الآخر على القبول بأفكاره وسلوكياته؟.. بالرغم من أن الاختلاف رحمة وتنوع ونضج وفي آخر المطاف كل نفس بما كسبت مسئولة عن نفسها ولن يعاقب احد مكان الآخر ولن يحمي القانون المغفلين. اعتقد أن العصبية والتعصب بكافة ألوانه حتى في المجتمعات المتمدنة عادة ما تلوح بظلالها على أفكار وسلوكيات الكثير من المتعلمين ومن اختلطوا بحضارات وثقافات مختلفة وكأن هناك عوامل جذب ونكوص إلى جذور الجاهلية والبدائية، وكما يبدو وفي أول تفسير لمثل هذه الظواهر غير الطبيعية أن العقل الباطن يحتفظ بتلك الشوائب ولم يتحرر منها وما تلبث أن تظهر بشكل لا إرادي كدفاعات لا شعورية في المواقف الشديدة وخلال الصراعات وخاصة صراعات الحاجات. وكما يبدو فان الصراع من أجل البقاء والاستحواذ والسيطرة والتمركز حول الذات جميعها وعوامل أخرى تؤدي إلى الخلاف وليس الاختلاف.