تتوالى القمم الخليجية عامًا بعد عام، وتزداد التحديات والتهديدات التي تواجهها دول المجلس مع كل قمة جديدة، بحيث يمكن القول: إنه حان الوقت لعبور مجلس التعاون الخليجي من مرحلة التعاون والتكامل إلى مرحلة الاتحاد كضرورة إستراتيجية ومصيرية لمواجهة هذه التحديات المتزايدة وفي مقدمتها تحدي الإرهاب حيث أصبحت مليشياته تحكم بعض الدول، وتحدي التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المنطقة وهو ما يتمثل بشكل واضح في سوريا والعراق واليمن وإيران والبحرين، ما وضع تلك الملفات الساخنة -وعلى الأخص ملفي اليمن وسوريا- على طاولة القمة الخليجية (36) التي بدأت أعمالها في الرياض أمس إلى جانب تطورات القضية الفلسطينية والأزمة الليبية، والبحث في الملفات الخليجية المشتركة الأمنية والاقتصادية والعسكرية، مع مواصلة المسار الدائم للمجلس في تعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك ومواصلة تحقيق الإنجازات التي يتطلع إليها المواطن الخليجي، والتي تمثلت في أبرز إنجازاتها في إنشاء وتعزيز قوة درع الجزيرة وتطبيق المساواة بين مواطني دول المجلس في التملك والإقامة والعمل وممارسة المهن والتجارة وتلقي الخدمات الاجتماعية والصحية والضمان الاجتماعي مع الأمل في تحقيق المزيد من الإنجازات على كافة الأصعدة. التهديدات الإيرانية على الرغم مما أبدته دول المجلس من رغبة في إقامة علاقات صداقة وتعاون مع إيران، إلا أن طهران قابلت هذه الرغبة بالمزيد من الإصرار على مواقفها من احتلالها جزر دولة الإمارات الثلاث ومواصلة التدخل في الشؤون الداخلية لدول المجلس، ودعم تنظيمات إرهابية بالمال والسلاح لزعزعة أمن واستقرار دول المجلس وإحداث تغييرات في موازين القوة الإقليمية. وقد تجاوزت التهديدات الإيرانية كل الخطوط الحمراء ولم تعد تتسم بالسرية كما كانت في السابق بعد التدخل السافر في اليمن ودعمها الحوثي عسكريًا ولوجستيًا وماليًا للسيطرة على أراضيه، وتحويل اليمن إلى دولة تابعة لها تشكل تهديدًا مباشرًا للأمن الوطني لدول المجلس. ويرى الباحث عبدالوهاب القصاب أن التحدي الواضح أمام دول مجلس التعاون الخليجي يتمحور حول العمل من أجل منع المسعى الإيراني من الهيمنة، مضيفًا: إن هناك عدة مؤشرات أكدت على تقدم نوعي لقوى التحالف العربي الذي تقوده السعودية على إستراتيجية الهيمنة التي تتبناها إيران، من خلال عدة مؤشرات من أهمها عجز البحرية الإيرانية عن تنفيذ عملية إمداد صغيرة للحوثيين. كما كان منع طائرة إيرانية من الهبوط في وقت سابق، في مطار صنعاء بحمولتها من الأشخاص والمعدات وإجبارها على العودة دليل آخر على إخفاق مساعي الهيمنة الإيرانية. كما أن الانتصارات التي تحققت لقوى التحالف العربي تعد مؤشرًا آخر على أن المخطط الإيراني للهيمنة أصبح في طور الانهيار. خيار لا غنى عنه ما يزيد من خطورة الوضع في اليمن، فتح جماعة الحوثي جبهة للصراع على حدود دول مجلس التعاون الخليجي، من قبل مليشيات مسلحة عقائدية، تمثل رأس حربة لإيران، لاسيما بعد أن استولت تلك الجماعة الإرهابية على مقاليد الحكم بالقوة، وبعد أن أصبحت تهدد الاستقرار والسلم الإقليميين. لذلك فإنه لا مناص من الاتحاد بين دول مجلس التعاون الخليجي لمواجهة هذه التحديات الخطيرة كخيار إستراتيجي لا غنى عنه لمواجهة التحدي الإرهابي والتهديد الإيراني.