×
محافظة المنطقة الشرقية

السلطات السعودية تستنفر لمنع دخول منتجات يمنية سامة

صورة الخبر

قبل اختطاف الربيع العربيّ وتحويله إلى خِربيّ، وقبل اختلاق التطرّف والعنف من صميم الدين السمح، يبدو أن تجليّاتٍ تتجاوز الحاسّة السادسة، كانت تكشف المحجوب للراحل د.محمد عابد الجابري. لم يحدث في ماضي أعمدة الصحف أن خصّص كاتب زاويته لسلسلة مديدة في موضوع واحد يجمع بين الدين والفلسفة. كان المحور الجامع بينها هو الفيلسوف العظيم ابن رشد. الاسم في حدّ ذاته إشارات وتنبيهات، فيها فصول وغايات. رحل أبو الوليد في العاشر من ديسمبر سنة ثمان وتسعين ومئة وألف للميلاد. كان التطرّف قد أحرق مؤلفاته، ورماه أناس بالإلحاد لا نعرف من هم، ما مستوى علمهم وتفكيرهم، ولو كانت لهم قطرة واحدة من بحار العلم ومحيطات المعرفة، لكان التاريخ شرّفنا بأسماء بالونات تحاول عبثاً إطفاء نور الشمس. يجب أن يكون الآدميّ في منتهى الهولاكويّة لكي يجرؤ على تكفير ابن رشد. ما أكثر عظماءنا الماضين الذين كفّروهم ورموهم بالإلحاد. كيف رأى الجابري مغول العصر مقبلين، وكأنه سمع السيّاب: همُ التتار أقبلوا، ففي المدى رُعاف؟ الآن وقت تطوير الخطاب الديني. نتنياهو يستعدّ لاستقبال الأهوج ترامب. وفي أستراليا كاسر آخر يدعو الغرب إلى إعلان تفوّقه على الدين الإسلاميّ، وكأن المسألة مسابقة فنيّة أو ألعاب أولمبيّة. وفي فرنسا يرتجف العرب والمسلمون، لفوز اليمين المتطرف في الانتخابات الجهوية. أبو الوليد طرح قضيتين في منتهى الأهمية. الأولى الضروريّ من النحو، أي تبسيط قواعد اللغة لتيسير تعلّم العربية، وعدم شغل الناس بهرطقات النحاة. والأخرى: الضروريّ من الفقه. والدين يسر لا عسر. والأهم اليوم، كفّ أيدي الذين جعلوا الإفتاء لا يحتاج إلى أكثر من لوحة مفاتيح في حاسوب أو هاتف جوّال أو ميكروفون في إذاعة أو فضائية. ثم صار الإفتاء لعبة مسدّس أو مدية. تُرى ما الذي حدث من تطوير للخطاب الدينيّ منذ ابن رشد؟ وماذا عن اختصار قواعد العربية لتسهيل تعلّمها؟ تطوير الخطاب الدينيّ واجب فوريّ، لأن الإحجام هو الذي جعل الإسلام والمسلمين لعبة كل ريح. هو الوسيلة الوحيدة التي يمكن الحفاظ بها على مكانته السامية، حتى لا يعبث به العابثون من المغرضين، ويجعلونه مطية لجرائمهم. لزوم ما يلزم: النتيجة الفلسفيّة: الذين يقصون العقل في البحوث الدينيّة، يناقضون أنفسهم بالاستدلال: الله عرفوه بالعقل. الدين تحميه العقول المفكرة، لا الغرائز التسلّطيّة. abuzzabaed@gmail.com