عبد الرحمن محمد-القاهرة "تعود العلاقات أو لا تعود.. لم يعد يهمنا الأمر كثيرا، كل ما نريده أن يتركونا في حالنا ويدعونا نعيش"، بهذه الكلمات لخص أبو فراس موقف شريحة واسعة من السوريين الموجودين في مصر من زيارة أول مسؤول في نظام الرئيس السوري بشار الأسدإلى العاصمة المصرية القاهرة، منذ سحب السفير المصري من دمشق. وأبدى أبو فراس -الذي اضطرته الأوضاع في بلده للهجرة إلى مصر- لامبالاة تجاه التطورات الأخيرة التي انتهت بهذه الزيارة، ويقول في تصريح للجزيرة نت "ما الأسوأ الذي من الممكن أن تحمله لنا هذه الزيارة.. لم يعد هناك ما نبكي عليه أو نأسف له، بات كل طموحنا حياة هادئة لنا ولأطفالنا". وكان وزير الإسكان والتنمية العمرانية السوري محمد وليد غزال، قد وصل القاهرة السبت الماضي قادما من لبنان في زيارة تستغرق أياما، هي الأولى لمسؤول سوري رفيع المستوى منذ سحب السفير المصري من دمشق وتعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية عام 2013، كما لحق به المدير العام للشركة السورية للنفط طراد صالح السالم قادما من دمشق. ولم يختلف الأمر كثيرا بالنسبة لثامر الحموي، إلا أنه أبدى تخوفا من أن يكون من نتائج الزيارة استهداف من كانت لهم نشاطات داعمة للثورة السورية في مصر سبقت الانقلاب العسكري ضد الرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو/تموز 2013. عبد الشافي: زيارة الوزير السوري للقاهرة تعكس التنسيق الجاري بين السيسي والأسد (الجزيرة) تنسيق النظامين ويرى أستاذ العلاقات الدولية عصام عبد الشافي أن "زيارات المسؤولين السوريين إلى مصر تحمل العديد من الدلالات في ظل التحولات السياسية، وفي مقدمتها التنسيق بين النظامين المستبدين المتسلطين لقمع الثورات". وأضاف عبد الشافي في حديثه للجزيرة نت، أن هذه الزيارات تعكس من ناحية أخرى وجود تنسيق أكبر على المستوى الإقليمي تدخل إيران طرفا فيه، وكذلك وجود تنسيق أكبر على المستوى الدولي تدخل روسيا طرفا فيه. وأشار المتحدث إلى أنه من غير المستبعد وجود ضغوط روسية على النظام المصري على خلفية أزمة الطائرة الروسية في هذا السياق، لكن الأخطر -وفق عبد الشافي- أن هذا التنسيق سيكون على حساب أمن واستقرار المنطقة، لأن من شأنه تقديم مزيد من الدعم "للنظام الإجرامي في سوريا، وكذلك للنظام الإجرامي في مصر على حساب آمال الشعوب وتطلعاتها". انتقال بالعلاقات ويعتبر المحلل السياسي محمد جمال عرفة أن زيارة المسؤول السوري للقاهرة تتويج لاتصالات سابقة قالت الحكومة السورية إنها أجريت مع القاهرة، و"بالتالي فهي انتقال بالعلاقات لمرحلة رسمية بعد مقاطعة مصرية أثناء حكم الرئيس محمد مرسي". ويضيف عرفة في حديثه للجزيرة نت أن الزيارة تأتي كذلك تتويجا لسلسلة تحولات في الموقف المصري، إذ اعتمدت سياسات في ظل حكم السيسي معاكسة لما كان متبعا في عهد مرسي، وأبرز هذه السياسات التضييق على اللاجئين، ومنع دخول معارضين سوريين حتى بعض من حضروا بدعوة من الجامعة العربية، و"هو ما يعني تحولا كاملا في الموقف المصري من دعم الثورة السورية" بحسب المحلل السياسي. الشهابي: زيارة مسؤولين سوريين لمصر أمر إيجابي يتطلب البناء عليه (الجزيرة) ويخلص المتحدث قائلا "الرؤية الإستراتيجية المصرية اختلفت باختلاف النظام، فنظام مرسي الذي أتت به ثورة دعمت ثورة سوريا، أما نظام السيسي الذي جاء ضد الربيع العربي فمن الطبيعي أن يدعم نظام بشار الأسد". رؤية مختلفة في المقابل، اعتبر رئيس حزب الجيل الديمقراطي ناجي الشهابي أن زيارة مسؤولين سوريين إلى مصر "أمر إيجابي يتطلب البناء عليه"، وتابع قائلا في حديثه للجزيرة نت "بشار الأسد هو الرئيس المنتخب من قبل الشعب السوري، وجيشه هو الجيش الأول عربيا، وبالتالي فإن ما يحدث في سوريا هو مخطط إجرامي هدفه الفتك بها ضمن مخطط أوسع يهدف إلى زعزعة المنطقة العربية كلها". ورأى الشهابي أن ما يحدث الآن هو بمثابة "تصحيح للعلاقات المصرية السورية"، مضيفا أن من المفترض أن تفتح سوريا السفارة المصرية في دمشق، كما دعا الدول العربية إلى مراجعة موقفها من سوريا، وجامعة الدول العربية إلى إعادة مقعد سوريا لنظام الأسد.