الوثائقي المهم الذي بثّته قناة العربية مؤخراً (كيف واجهت السعودية القاعدة) أو أحد تنظيمات الإرهاب بالأحرى وحينما ثبت للمملكة أن التنظيمات والجماعات تعدّدت فيما بعد وإن اختلفت في الأفكار والأيديولوجيا بينما تتفق في استهداف المملكة وأمنها واستقرارها لذلك جرّمت المملكة تلك الجماعات والتنظيمات وتصنيفها منظمات إرهابية. وحينما نقول كيف واجهت مؤسسات التعليم تحديداً الإرهاب ذلك لأمرين؛ الأول: لأن الدول التي تعاملت مع الإرهاب بصفته ظاهرة تحتاج إلى حلٍ عسكري فقط لم تنجح في اجتثاثه، الإرهاب عمل تغذّى من فكر، لذلك كانت مكافحته لا تحتاج إلى حلٍ أمني فقطٍ، أو بعبارة أخرى من السهل أن تقتل الإرهابي ولكن من الصعب أن تقضي على فكره! الأمر الثاني؛ قضية مفهوم الأمن الفكري الذي أنتجته الحاجة لمواجهة الإرهاب ومكافحته فكرياً من بعد أحداث سبتمبر هو متواجد في معايير وقيم اجتماعية مختلفة ولكنها ذات علاقة مؤكدة بجانب التنشئة الاجتماعية والتي كما نعرف تتقاسمها مؤسسات فاعلة في المجتمع. أولها وأساسها المؤسسة الأسرية تليها وزارة التعليم لذا هما تعدّان الحاضن الحقيقي للإنسان في مرحلة طفولته ومراهقته وشبابه ولكن المؤسسة الأسرية لا تستطيع أن تقرر شيئاً وحدها يخص اتجاهات الثقافة الاجتماعية لأبنائها ورسمها دون مساهمة فعلية من مؤسسات المجتمع المهمة والأساسية وعلى رأسها مؤسسة التعليم وإلا سوف تصبح كالذي يسبح عكس التيار فما يبنى في البيت قد يهدم في المدرسة والجامعة. إحدى أكثر التغريدات على موقع التواصل الاجتماعي والتي تفاعلت مع وثائقي العربية لم يلفتني صراحة تعليق يقترح أن يعرض كذلك الوثائقي على طلبة التعليم ضمن البرنامج الذي أطلقته وزارة التعليم تحت مسمى فطن بقدر تعليق مغرد آخر أن حقيبة البرنامج ودليله العلمي يخلو من مجرد ذكر اسم تنظيم القاعدة وغيرها من التنظيمات والجماعات الإرهابية التي جرّمتها المملكة وصنفتها إرهابية! الباحثون المختصون عموماً يدركون ويتفقون أن تعريفات المفاهيم والمصطلحات قد تختلف حد التناقض؛ وباحثو شؤون الإرهاب وقضايا الأمن الوطني خصوصاً يدركون أن مفهوم الإرهاب بالذات من أكثر تلك المفاهيم التي تخضع للمصالح والتوظيفات السياسية والدينية والاقتصادية.. الخ من دولة لأخرى ومن جماعة وحزب لآخر. لكن نحن في المملكة يُفترض أن تعريف ومفهوم الإرهاب الذي يهدد الوطن وأمننا واستقرارنا ليس محل اختلاف في الرؤى في ظل قوانين الإرهاب وتجريم المملكة للجماعات والتنظيمات الإرهابية! فحينما أقدم برنامجاً وأقول فيه إنني سأكافح الإرهاب وأحارب التطرّف والفكر الضال على سبيل المثال كمفاهيم عامة دون تحديد هوية ذلك الإرهاب والفكر الضال في جماعة أو تنظيم بعينه صنّفته الدولة أنه إرهابي.. كل الطرق المستقيمة المباشرة توصل للهدف في الغالب بينما لا تفعل ذلك الطرق الملتوية أو المتشعبة!