ذات يوم سألته من أنت؟ أجاب بثقة وتمكن، أنا "حنظلة" ابتدعني ناجي العلي، في الكويت عام 1969، كرمز للفلسطيني المعذّب والقوي رغم كل الصعاب التي تواجهه، وشاهد حقيقي وصادق على الأحداث، ولا أخشى في الحق لومة لائم، مرارات النكسات المتتالية نقلت طعمها لحلقي، أدرت ظهري بعد عام 1973، الكل استغرب تصرفي هذا، إلا أنني لم أدر ظهري بالمعنى المجازي، بل أنظر إلى وطني أرصد ملامح انتصاراته مرة، ومرات أرسم ملامح وجعه النازف، والصمم المزمن في آذان العالم، والعشى في كل الأوقات الذي استباح عيون العالم. .. لِمَ وضعت يديك خلف ظهرك؟! ضحكته كادت تقتلعني لشدة سخريتها، ثم قال ألم يتفق إخوتي على إيصال قميصي وما به من دم كذب؟ وتابع بحرقة متى يستيقظ الضمير المنفصل، ليصبح متصلا ويقرأ الواقع وتداعياته قراءة حقيقية، ليبعد شبح الخراب عن المكان والإنسان. الحنظل نبات شديد المرارة شبّهني به بذكاء الفنان الكاريكاتيري الفلسطيني ناجي العلي لأنه عرف معاناتي وحجم مأساتي ومعاناتي من مرارة التشرد والمنافي والشتات، لأني ناجي وناجي أنا، يفرّ الفرح من عيوني كلما لاح لي بعض منه، يبدو أنه تذكّر أن الفرح ضل طريقه بمجيئه إليّ. تآمر الزمهرير فَخَشّبَ بقايا أحلام العودة، وزج بها في نفق مظلم لا قرار له، ولا "سيارة" الأمم تمر من جانبه، وإن مرّت بداعي الدفاع عن حقوق الإنسان، تمر خجولة تضحك أمام الكاميرات لالتقاط صور تذكارية ليس إلا، مدّعية الدفاع عن هذا الحق عبر الشاشات الفضية. أبحث عن أرض أشتل فيها ذاكرتي، كي تنمو صرخاتي فيها مستنكراً عودة قابيل وهابيل من جديد...استيقظت وطعم الحنظل في حلقي كان حلما..!