اسقاط تركيا للطائرة الروسية المقاتلة، التي قالت أنقرة إنها تسللت إلى مجالها الجوي آتية من سوريا، يظهر أن بناء تحالف دولي لتدمير تنظيم داعش أمر صعب للغاية. وبعد ما يزيد على عام كامل من إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما إنشاء تحالف يضم أكثر من 50 دولة صمم ليدمر تنظيم داعش كلية فليس هناك من تحالف فعّال للقوى العظمى. الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند جعل من بناء تحالف دولي هدفاً له، في أعقاب هجمات باريس. إلا أن التحدي الرئيسي يظل مفاده أن القوى العظمى لا تثق إحداها بنوايا ورؤية الأخرى بعمق، لا سيما فيما يخص سوريا ما بعد تنظيم داعش. تركيا وروسيا تمثلان الدوافع المركبة والمتناقضة التي سيسعى الرئيس هولاند إلى معالجتها. الموقف الكردي ولدى كل من تركيا وروسيا دوافع معقدة ومتناقضة في كثير من الأحيان يحاول هولاند إدارتها. ومن المفترض أن التحالف الدولي ضد داعش لدية أهداف تتماثل وأهداف تركيا: الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد من السلطة تعد خطوة أساسية من أجل تقليل تجنيد تنظيم داعش للسنة السوريين. إلا أن الأمر استغرق الولايات المتحدة شهوراً عدة من الجهود الدبلوماسية المستدامة لجعل تركيا تنضم إلى هذه المحادثات. وحتى الآن فإن الفروقات بين الولايات المتحدة وتركيا تظل واضحة. بناءً على وجهة النظر هذه ربما كان أكثر المقاتلين تأثيراً ضد تنظيم داعش هم أكراد سوريا والعراق، لدرجة أن ذلك دفع الولايات المتحدة كي ترسل قوات خاصة إلى المنطقة لمساعدتهم. وتضم تركيا قسماً كبيراً من الأكراد، وتخشى من أن تعزيز الأكراد في أي مكان سيسهم في إيجاد مشكلة في تركيا ذاتها. وفي حقيقة الأمر تركيا أكثر وداً تجاه تنظيم داعش مقارنة بروسيا، بسبب رضا تركيا عن الانتكاسات التي تعامل بها تنظيم داعش مع متمردي أكراد سوريا. وبالمثل، فإن دولاً في المنطقة تجد أن من المفيد وجود تنظيم داعش في المنطقة، وقال البروفيسور شتراوس: إن هذه الدول ليست في عجلة للتخلص من التنظيم لأنه شديد العداء للشيعة، وبهذه الطريقة فإن التنظيم يتصرف كأنه ثقل مقابل لإيران والأحزاب الشيعية في المنطقة. ومن جهتها قالت روسيا إنها دخلت في الصراع السوري لمواجهة الارهابيين في سوريا. إلا أن المحللين يقولون إن الضربات الجوية الروسية في سوريا تركزت على معارضي الأسد. وقال الخبراء إن نحو ربع هذه الضربات فقط كان ضد تنظيم داعش. وبسبب هذه الأمور فإن تعاون تركيا وروسيا ضد داعش ليس أولوية لأي طرف، وسيكون أمراً صعباً دائماً. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن إسقاط الطائرة الروسية يعد بمثابة طعنة في الظهر، شنها متواطئون مع الإرهاب، وحذر من أن مرتكبي الجريمة سيواجهون عواقب وخيمة. وبينما ألغت روسيا زيارة وزير الخارجية سيرغي لافروف إلى تركيا دعا حلف ناتو إلى عقد لقاء طارئ مع سفراء الحلف. واعتبر الحادث أول إسقاط للطائرة الروسية من قبل قوات ناتو منذ خمسينيات القرن العشرين. تداعيات الإسقاط وتلح روسيا على أن المقاتلة لم تحلق خارج المجال الجوي السوري، بينما قال المسؤولون الأتراك إن الطائرة الروسية تلقت عشرة إنذارات كي تغير مسارها الذي كان موجهاً نحو المجال الجوي التركي. ودعا أوباما كلا من روسيا وتركيا ودول حلف ناتو إلى إحباط أي تصعيد، وأكد أيضاً على أن تركيا مثل أي دولة أخرى لها الحق في الدفاع عن أراضيها ومجالها الجوي. ومن المتوقع أن تنظر روسيا في عواقب الحادث الذي وقع للتحقق من صحة أن كل المجموعات احتشدت ضد الأسد والإرهابيين. وظهر في فيديو بث عقب إسقاط الطائرة مقاتلين من تركمان سوريا يدعون أنهم قتلوا طيارين روسيين، بينما كانا يهبطان بالمظلات على الأرض.