كشفت أزمة السيول الأخيرة عن أهمية إعادة النظر في مستوى إنجاز المشاريع حتى لا تكون في مهب الريح ونخسر المليارات باستمرار دون حرص على الاستفادة من التجارب السابقة. لقد أنفقت الدولة المليارات على مشاريع البلديات والطرق طوال السنوات السابقة، ومع كل هطول للأمطار نضع أيدينا على قلوبنا خشية الخسائر المتوقعة في الأرواح والممتلكات، والواقع أن الأزمة لا تكمن في نقص التمويل الذي توفره الحكومة للمشاريع، وربما مرات عديدة للمشروع الواحد من أجل تلافي الأخطاء والعيوب، وإنما تكمن في وجود أزمة ضمير تتبدى واضحة في المغالاة في قيمة المشاريع عند الترسية، وكذلك عند التنفيذ بمعايير جودة منخفضة، وآخرا وليس أخيرا عند تجاهل غالبية الجهات الحكومية العيوب في إنجاز المشاريع واستلامها بحالة سيئة لتبدأ خلال فترة قصيرة مرحلة استنزاف جديدة لميزانية الدولة في الصيانة، وتدور العجلة بهذه الطريقة السلبية في غالبية المشاريع ويخسر الوطن على طول الخط. إن الموضوعية تقتضي تعزيز العقوبات ضد المقصرين، وتشكيل لجان مستقلة غير قابلة للاختراق لاستلام المشاريع بعد أن بات واضحا عمق الأزمة التي نعاني منها في مشاريع متأخرة وأخرى متعثرة، وثالثة مهترئة أمام الأمطار. صالح الزهراني