×
محافظة الرياض

هبوط اضطراري لطائرة ركاب في الدوادمي

صورة الخبر

.. زادت الحروب واضطرمت، وكلما صار الدمُ البشري رخيصا، صارت تجارة الموت وفيرة ومزدهرة.. وأصبحت الأرضُ كرةً سوداء بها فتيل تجري به بجنون قطعة نار لاهثة كقنبلة كونية جاهزة للانفجار. ولكن ما زال هناك على الأرض من أبنائها المخلصين من يؤمنون بالمحبة الإنسانية والسلام. تنادى هؤلاء المحبون المخلصون وكونّوا منهم لجنةً عالميةً موقرة لإنقاذ الأرض وشعوبها ومن عليها، وإعادة هذا الكوكب الأزرق للسلام والوئام والحب ومصادقة طبيعته. بدأت اللجنة الموقرة بمحاولة إطفاء نار الحروب القائمة بأركان القارات، ووضعت جدولا للذهاب لكل الدول التي تطحن بينها تروس المعارك، وفي كل مرة تتدخل اللجنة الموقرة تكون الحروبُ وطار نقعُها واستغرق المتقاتلون في حمم ميادينها، فلا وقت يتحاورون به مع أحد، وإن وجدوا فهو بركان سينفجر، والبراكين الثائرة لا تعرف إلا أن يستعرّ صهيدُ صخرها المائع نارا على الأرض يحرقها، ولا يمكن أن يعود للفوهة من جديد. قال بعض حكماء اللجنة الموقرة ربما بدأنا خطأ بالعريض الواسع، وهي الحروب أو تهديدات الحروب الدولية، فاقترحوا أن يطفئوا براميل البارود المتفجرة في الدول التي بها حروب أهلية، أو نذر حرب وتصفيات عرقية. ذهب أعضاء اللجنة الموقرة لدول بالساحل الغربي الجنوبي في إفريقيا لإطفاء حروب تطهير عرقي، وفي كل اجتماع تنتفض شعور رؤوسهم من صرخات المحاورين الأفارقة، واضعين البنادق على رؤوس أعضاء اللجنة الموقرة: اسمعوا! نريد أسلحة أكثر وأقوى تدميرا لنصفي كل القبيلة الأخرى.. وإن صار عندنا متسع من وقت لا مانع من القضاء على القبائل الأخرى! رحلت اللجنة الموقرة شمالا لمصر مهد حضارات الكوكب وأعرق الأمم ذكرا وفخامةَ تاريخ، وهي الأمة التي ذُكرت بكل الكتب السماوية واشتهر أهلـُها بالاستقرار واستضافة عناصر الشعوب.. ووجدوا الأرضَ انقلبت وضاع الحوارُ بين الأهل أنفسهم، وكلٌّ يتهم صاحبه بأنه يدمر أم الدنيا ويتناسون أنهم أبناؤها، وأنهم ينحرون هذه الحقيقة التي أنارت عبر كل القرون.. بل يتداعون للنزول والمواجهة إخوانا من دمٍ واحد، من نبضة قلبٍ أمٍّ واحدة.. من آباء وأجداد أعطوا الأرضَ هويتهم المصرية التي صارت سحرا في أذهان العالمين. عادت اللجنة الموقرة مضروبة بساحة رابعة العدوية متهمة بأنها مع "تمرد". وتمردوا عليها في ميدان التحرير متهمة بأنها إخوانية.. وراحوا يحاورون الرئيس المؤقت، وقال لهم: الله جايين هنا ليه؟ اذهبوا للرئيس السيسي! أعضاء اللجنة الموقرة متفائلون، فهم أول من يصدقون أن من شرَب من ماء النيل سيعود إليه يوما. توسطت اللجنة الموقرة بتفاؤل لا يكل بالحرب الأهلية السورية التي امتدت للبنان، ولم يستطع أعضاء اللجنة الموقرة دخول بيروت، فبعضهم أصابته حكة جلدية رهيبة، وضيق في النفس، وشموا غازات كيماوية فعادوا خارجين نجاة بجلودهم، ولكن نقصت اللجنة الموقرة واحدا.. مات! توجهت اللجنة الموقرة للعراق، فما إن بدأت شمالا مع الأكراد حتى انفضوا شاتمين من الاجتماع؛ لأن اللجنة تجرأت وسمتهم بالعراقيين، ألا يعرف جهلاء اللجنة الموقرة أنهم كردستان عنصر مستقل عن العرب. بباقي العراق لم يجدوا جزءا متماسكا واحدا يتحدثون معه كما في شمال العراق، فتماسكوا مع بعضهم خارجين ووراءهم وأمامهم سيارتان مفخختان.. ومات أحدهم! حاولت اللجنة الموقرة أن تحجز على طيران السلام والنور ليذهبوا لفلسطين المحتلة ولجمهورية مالي.. عندما وصلت مكالمتان ناريتان من واشنطن أم الدساتير وباريس مدينة النور تقولان: "اللجنة الموقرة: يا ويلكم وسواد ليلكم إن قربتم!". وحاولت اللجنة الموقرة إصلاح البيئة بالقائمة المعروفة: السخونة الأرضية، تلويث الأحماض للأمطار، وتصحر الأقطار .. كل دولة لحست أمّ وعودها! فما كان من اللجنة الموقرة إلا أن بعثت عبر أعظم رادارات المراصد بالأرض رسالةً كونية لكل الكواكب، تقول: أنقذونا! بعد فترة تلقت اللجنة الموقرة رسالة من كوكب في المجرة السحيقة م ب - 122 منقولة بالأشعة الكونية الوامضة تقول: "على ها الخشم!" ننقذكم مِن من؟ فردت اللجنة الأرضية: "أنقذونا من أنفسنا". ثم سُمع صوتُ ضحكات انفجارية هائلة ترددت بين السدم والمجرات والنجوم.. سبب القهقات الكونية الفضائية، أن واحدا ملقوفا من كوكب "تغريديوس-ب12/3" أرسل هاشتاقا بالتواتر الكوني وفيها: #الأرض- ما أقول إلا الحمد لله والشكر، وشها العقول؟! أبد، خلاص. استمر مضحكو الكوكب الصغير الأرض في إبادتهم لجنسهم. وتابعت الأجرامُ الكونية مساراتها الأزلية.. ويبقى الأملُ الأعظم أن ينقذنا الله.