حدثني أحد الأصدقاء ممن أثق في صدق أقواله، أنه اشتهى يوما (أكلة سمك) فتوجه إلى سوق الأسماك ليشتري سمكة يأكلها مع العيال وأمهم، وقد وقع نظره على سمكة يبدو أنها -طازجة- بعد أن قلبها يمنة ويسرة، فسأل البائع عن ثمنها فقال بخمسة وثمانين ريالا، فقال الصديق: لا بأس، أخرج من محفظته مائة ريال وأعطاها للرجل فاستغرق في الضحك وقال: يا أخي الكيلو الواحد بخمسة وثمانين ريالا وليس ثمن السمكة بأكملها. قال له الصديق: وكم تزن هذه السمكة؟ قال: سأوزنها لك. ووزنها، فاذا وزنها اثنا عشر كيلو، فقال له البائع: إن ثمن السمكة حسب الميزان ألف وعشرون ريالا فقط، وسوف أعطيك خصما قيمته عشرون ريالا، سوف أحسب لك سعر السمكة بألف ريال فقط، سأل الصديق البائع: هل تصطادون السمك من المريخ؟ قال له البائع -بعفوية-: كلا يا أخي.. نحن نصطاده من شواطئ الدمام القريبة. حينئذ سأل الصديق البائع: فلماذا هذا السعر الفاحش لسمكة واحدة؟ أيعقل أن سمكة واحدة بألف ريال؟ حينئذ تلعثم الرجل ولم ينطق بكلمة.. فهو لا يدري ماذا يقول بالفعل.. وأظن أن السعر خيالي أو هو فلكي بعبارة أصح.. وما ينسحب على الأسماك ينسحب أيضا على الروبيان فأسعاره نار أيضا.. ولا داعي لذكر أسعاره فهي مرتفعة للغاية، وأخشى لو طرحتها في هذه العجالة أكون مبالغا في السعر كما قد يعتقد البعض. وما ينسحب على الروبيان والأسماك ينسحب على غيرها من السلع الغذائية الضرورية، طبق البيض مثلا كان بعشرة ريالات منذ وقت قصير، فاذا بسعره يقفز إلى سبعة عشر ريالا، وربما يقفز الى العشرين في الأيام القريبة القادمة، ولست أدرى لماذا تحدث هذه القفزات السريعة في الأسعار.. رغم أن الأعلاف رخيصة ومزارع الدواجن تملأ مدن المنطقة الشرقية وقراها المتعددة. ولعل من الغريب أيضا أن تقفز أسعار التمور الى مبالغ خيالية هي الأخرى، رغم كثرة مزارع التمور في الأحساء، ورغم كثرة أنواع التمور التي تطرح في الأسواق يوميا.. وأخشى ألا أصدق لو طرحت الأسعار الجديدة لأنواع التمور بالمنطقة، رغم أن الأحساء تشتهر بأنها من أغنى واحات العالم بالتمور.. ورغم الوفرة التي نجدها في الأسواق من أنواع التمور التي تنتجها واحة الأحساء وغيرها من مدن المملكة. وثمة أمثلة كثيرة يمكن قياسها على تلك الأمثلة المطروحة، فاللحوم مثلا أسعارها غير معقولة على الاطلاق، فقد يصل ثمن الخروف الواحد إلى ألفي ريال في المواسم العادية، أعني في المواسم البعيدة عن موسم الحج، ولست أدري ما هي أسباب هذه الارتفاعات -الجنونية- رغم كثرة المزارع التي تربى فيها الماشية، وتربى فيها الأغنام على وجه الخصوص، ولكن الأسعار ما زالت مرتفعة، وسوف تزداد ارتفاعا كما يبدو. وإذا ما طرحت في هذه العجالة الأمثلة فأظن أن مساحتها قد تضيق، ويمكن لأي شخص أن يرتاد البقالات الصغيرة أو الكبيرة ليكتشف بنفسه أسعار المواد الغذائية المبالغ فيها.. وأتساءل: أين هي ادارة حماية المستهلك بوزارة التجارة من هذا التلاعب في الأسعار؟ لماذا لا تقوم هذه الادارة بتحديد أسعار المواد الغذائية وتضع نسبة أرباح معقولة للبضائع بطريقة لا تضر البائع ولا المشتري؟ هذا سؤال أطرحه أمام القراء وأمام الإدارة فلعلي أعثر عن إجابة شافية عليه.